للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب‍: «إذا» الفجائية، و {إِنْ} ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {وَيَأْتِ:} الواو: حرف عطف. (يأت): فعل مضارع معطوف على جواب الشرط مجزوم مثله، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، وفاعله يعود إلى (الله) أيضا، ومثل هذا الفعل يجوز رفعه، ونصبه، قال ابن مالك في ألفيته: [الرجز] والفعل من بعد الجزا إن يقترن... بالفا، أو الواو بتثليث قمن

ولكن لم يقرأ الفعل هنا بغير الجزم. {بِخَلْقٍ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

{جَدِيدٍ:} صفة له. {وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية حجازية تعمل عمل «ليس».

{ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع اسم (ما)، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {عَلَى اللهِ:} متعلقان بما بعدهما. {بِعَزِيزٍ:} الباء: حرف جر صلة.

(عزيز): خبر (ما) منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الاسمية: {وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. واعتبارها حالا فيه ضعف.

{وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكّى فَإِنَّما يَتَزَكّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (١٨)}

الشرح: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى:} يعني: لا تؤاخذ نفس بإثم أخرى، ولا تحمل نفس حاملة حمل أخرى، ولا يؤاخذ أحد بذنب آخر، وذلك: أن المشركين كانوا يقولون للمسلمين:

{اِتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ،} بمعنى لنحمل يوم القيامة ما كتاب عليكم من الذنوب والسيئات. هذا؛ وأصل: {تَزِرُ:} (توزر) لأن ماضيه: وزر، فحذفت الواو لوقوعها ساكنة بين عدوتيها، وهما الياء، والكسرة في مضارع الغائب: «يزر» وتحذف من مضارع المتكلم، والمخاطب قياسا عليه، والأمر: زر فيما يظهر، ومصدره: وزر، بفتح الواو وكسرها، وهو بمعنى: الإثم، والثقل أيضا، والوزر بفتح الواو، والزاي: الملجأ، والمستغاث، قال تعالى:

{كَلاّ لا وَزَرَ}. ومن المعنيين يؤخذ اسم وزير السلطان، فإنه يحمل ثقل دولته، ويلجأ إليه السلطان في المهمات، فيستشيره بذلك. ومعنى الآية: يتبرأ كل واحد من أوزار غيره، حتى إن الوالدة تلقى ولدها يوم القيامة، فتقول: يا بني ألم يكن حجري لك وطاء؟ ألم يكن ثديي لك سقاء؟ ألم يكن بطني لك وعاء؟ فيقول: بلى يا أمّه! فتقول: يا بني! إن ذنوبي أثقلتني، فاحمل عني منها ذنبا واحدا، فيقول: إليك عني يا أمّه! فإني بذنبي عنك اليوم مشغول.

<<  <  ج: ص:  >  >>