للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى: لا يملك لهم ملكا؛ أي: شيئا، والأول: هو قول الكوفيين، والثاني: هو قول البصريين، وقد وافق الكوفيين من البصريين أبو علي الفارسي، وجملة: {لا يَمْلِكُ..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها، وجملة: {وَلا يَسْتَطِيعُونَ} مع المفعول المحذوف معطوفة عليها، وقد راعى في الجملة الأولى لفظ {ما} فوحّد الضمير، وراعى في الثانية معناها، وجوّز رجوع الضمير إلى الكفار، وجملة: {(يَعْبُدُونَ...)} إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها.

{فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧٤)}

الشرح: {فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ الْأَمْثالَ} أي: لا تشبهوا الله بخلقه، فإنه لا مثل له، ولا شبيه، ولا شريك له من خلقه؛ لأن الخلق كلهم عبيده، وفي ملكه، فكيف يشبّه الخالق بالمخلوق، أو الرازق بالمرزوق، أو القادر بالعاجز. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦٠] تجد ما يسرك. {إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ} ما أنتم عليه من ضرب الأمثال له، ويعلم فساد ما تقولون عليه من الأقيسة. {وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} أي: خطأ ما تضربون من الأمثال، ولو علمتموه؛ لما اجترأتم عليه، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا؛ والفعل {يَعْلَمُ} و {تَعْلَمُونَ} من المعرفة لا من العلم اليقيني، والفرق بينهما: أن المعرفة تكتفي بمفعول واحد، قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته: [الرجز]

لعلم عرفان وظنّ تهمه... تعدية لواحد ملتزمه

بخلافه من العلم اليقيني، فإنه ينصب مفعولين، أصلهما مبتدأ وخبر. وأيضا فالمعرفة تستدعي سبق جهل، وأنّ متعلقها الذوات دون النسب، بخلاف العلم، فإن متعلقه المعاني، والنسب، وتفصيل ذلك: أنك إذا قلت: عرفت زيدا؛ فالمعنى: أنك عرفت ذاته، ولم ترد أنك عرفت وصفا من أوصافه، فإذا أردت هذا المعنى؛ لم يتجاوز مفعولا واحدا؛ لأن العلم، والمعرفة يتناول الشيء نفسه، ولم يقصد إلى غير ذلك، وإذا قلت: علمت زيدا قائما؛ لم يكن المقصود: أن العلم تناول نفس زيد فحسب، وإنّما المعنى: أن العلم تناول كون زيد موصوفا بهذه الصفة.

الإعراب: {فَلا:} الفاء: حرف استئناف. (لا): ناهية. {تَضْرِبُوا:} مضارع مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {لِلّهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {الْأَمْثالَ:} مفعول به. {إِنَّ:}

حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {يَعْلَمُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (الله)، والمفعول محذوف كما رأيت، والجملة الفعلية في محل رفع خبر {إِنَّ} والجملة الاسمية تعليل للنهي، لا محل لها، والجملة الاسمية: {وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ:} معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. وقيل: في محل نصب حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>