الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، و {أَنْ يُرْسِلَ} في تأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {وَلِيُذِيقَكُمْ:} الواو: حرف عطف. (ليذيقكم): فعل مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى الله تعالى، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور معطوفان على: معنى مبشرات؛ إذ التقدير: ليبشركم وليذيقكم، أو هما متعلقان بمحذوف، التقدير: وأرسلها (ليذيقكم). هذا؛ وأجيز اعتبار الواو صلة، فيتعلقان حينئذ بالفعل {يُرْسِلَ} والأول أقوى، وهو ما في «مغني اللبيب». {مِنْ رَحْمَتِهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، وقوله تعالى:{وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ} معطوف على ما قبله، وإعرابه مثله بلا فارق، وأيضا {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} مثله بلا فارق. {وَلَعَلَّكُمْ:} الواو: حرف عطف. (لعلكم): حرف مشبه بالفعل، والكاف ضمير متصل في محل نصب اسمها، وجملة:{تَشْكُرُونَ} مع المفعول المحذوف في محل رفع خبرها، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها من تعليل.
الشرح:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا..}. إلخ: هذا الكلام تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو اعتراض بين الكلامين المتصلين، أي في الآية السابقة، والآية اللاحقة. قال أبو حيان-رحمه الله تعالى-:
اعتراض جاء تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتأنيسا له، ووعدا بالنصر، ووعيدا لأهل الكفر، وحقيّة نصر المؤمنين على الله لا تختص بالدنيا، بل تعم الآخرة أيضا، فما في الآخرة من متناولات الآية. انتهى. جمل.
{وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا..}. إلخ: فيه تعظيم للمؤمنين، ورفع لشأنهم، وتأهيل لكرامة سنية، وإظهار لفضل سابقة، ومزية؛ حيث جعلهم مستحقين على الله أن ينصرهم تفضلا منه، مستوجبين عليه أن يظهرهم، ويظفرهم، تكرما منه. وفيه من التبشير للبشير النذير صلّى الله عليه وسلّم بالظفر، والنصر على الأعداء.
هذا؛ وقد عد محمد علي الصابوني-جزاه الله خيرا-في كتابه:«التبيان في علوم القرآن» من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم: الوفاء بالوعد في كل ما أخبر عنه، وفي كل ما وعد الله عباده به. قال: وهذا الوعد ينقسم إلى قسمين: وعد مطلق، ووعد مقيد، فالوعد المطلق كوعده بنصر رسوله، وإخراج الذين أخرجوه من وطنه، ونصر المؤمنين على الكافرين، وقد