تنبيه: ومعنى قوله تعالى في سورة (البقرة): {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} أي: فأتوا بسورة مع إنسان أمي مثل محمد صلّى الله عليه وسلّم يساويه في الفصاحة والبلاغة مع كونه لم يقرأ ولم يكتب، ومعنى {بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} هنا، أي: بسورة تساوي سور القرآن في الفصاحة والبلاغة، انتهى خازن بتصرف كبير. وبذلك يظهر لك وجه ذكر {مَنِ} هناك، وعدم ذكرها هنا. والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
الإعراب: {أَمْ}: حرف عطف، وهي متضمنة معنى همزة الاستفهام؛ لأنها متصلة بما قبلها.
{يَقُولُونَ}: مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. {اِفْتَراهُ}: ماض، والهاء مفعوله، وفاعله يعود إلى غير مذكور، لكنه مفهوم من المقام؛ إذ المراد به النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة: {يَقُولُونَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا. {قُلْ}:
أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {فَأْتُوا}: الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر انظر الشرح. {فَأْتُوا}: أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {بِسُورَةٍ}:
متعلقان بالفعل قبلهما. {مِثْلِهِ}: صفة سورة، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة:
(ائتوا...) إلخ في محل جزم جواب الشرط المقدر انظر الشرح، والشرط المقدر ومدخوله في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ: مستأنفة لا محل لها. (ادعوا): أمر، وفاعله، والألف للتفريق، ومتعلقه محذوف. إذ التقدير: ادعوا لمساعدتكم. {مَنِ}: اسم موصول أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة بعدها صلتها أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: استطعتم دعوته. {مِنْ دُونِ}: متعلقان بالفعل (ادعوا) أو هما متعلقان بمحذوف في محل نصب حال من الضمير المحذوف العائد على {مَنِ،} و {مَنِ} بيان لما أبهم فيها. و {دُونِ}: مضاف، و {اللهِ}: مضاف إليه، وجملة: (ادعوا...) إلخ معطوفة على جملة:
(ائتوا...) إلخ فهي في محل جزم مثلها ثم هي في محل نصب مقول القول أيضا. {إِنْ}: حرف شرط جازم. {كُنْتُمْ}: ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء اسمه.
{صادِقِينَ}: خبره منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الفعلية: {كُنْتُمْ صادِقِينَ} لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله؛ إذ التقدير: إن كنتم صادقين في قولكم؛ فأتوا بسورة مثل هذا القرآن. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
{بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ (٣٩)}
الشرح: {بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} أي: كذب المشركون بما في القرآن من ذكر الجنة والنار، والحشر والصراط والميزان، والجنة والنار وغير ذلك، مما لم يعلموا منه شيئا؛ لأنهم