هذا؛ و {الْأَدْبارَ} جمع دبر بضم الباء، وسكونها، وهو الظّهر. ودبر كل شيء: آخره، وعقبه، فعن كعب بن عجرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال:«معقّبات لا يخيب قائلهنّ، أو فاعلهنّ دبر كلّ صلاة مكتوبة: ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة». رواه مسلم، والترمذي، والنّسائي.
الإعراب:{لَنْ:} حرف نفي، ونصب، واستقبال. {يَضُرُّوكُمْ:} فعل مضارع منصوب ب {لَنْ} وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والكاف مفعوله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {إِلاّ:} أداة استثناء. {أَذىً:} مستثنى من المصدر العام، كأنه قيل: لن يضروكم ضررا البتّة إلا ضرر أذى لا يبالى به. وقيل: هو منصوب بنزع الخافض، التقدير: إلا بأذى يسير، ولا بأس به، وعليه: فالجار، والمجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب على الاستثناء. {وَإِنْ:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. ({إِنْ}): حرف شرط جازم. {يُقاتِلُوكُمْ:} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والكاف مفعوله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية.
ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {يُوَلُّوكُمُ:} فعل مضارع جواب الشرط مجزوم مثل فعل شرطه، والواو فاعله، والكاف مفعوله الأول. {الْأَدْبارَ:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب «إذا» الفجائية. {ثُمَّ:} حرف عطف في الإعراب، وفي المعنى حرف استئناف. ({لا}): نافية. {يُنْصَرُونَ} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع... إلخ، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، ولهذا ثبتت فيها النون، وللزمخشري كلام جيد ملخصه: وعدل به عن حكم الجزاء إلى حكم الإخبار ابتداء، كأنّه قيل:
ثمّ أخبركم: أنهم مخذولون منتف عنهم النصر، ولو جزم؛ لكان نفي النّصر مقيدا بقتالهم، بينما النّصر وعد مطلق بقتال، أو بدونه، فهم مخذولون على كلّ حال. وهو جيد، وألف جيد.
الشرح:{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} أي: لزمهم الذلّ، والهوان. {أَيْنَ ما ثُقِفُوا} أي: أحاط بهم كما يحيط البيت المضروب بصاحبه، ففيه استعارة بالكناية، حيث شبّه الذلّ بالخباء المضروب على أصحابه. قال الشاعر في مدح ابن الحشرج أمير خراسان:[الكامل]
إنّ السّماحة والمروءة والنّدى... في قبّة ضربت على ابن الحشرج