للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنون نفاقهم، واحدها: ضغن، وهو الحقد الشديد. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-:

حسدهم. وقال قطرب: عداوتهم. وأنشد قول الشاعر: [الكامل] قل لابن هند ما أردت بمنطق... ساء الصّديق وشيّد الأضغانا

وقيل: أحقادهم. واحدها: ضغن، قال عمرو بن كلثوم في معلّقته رقم [٣٧]: [الوافر] وأنّ الضّغن بعد الضّغن يفشو... عليك ويخرج الداء الدّفينا

وقال الجوهري: الضغن، والضغينة: الحقد. ولا تنس: أنّ الله عزّ وجل قد أخرج أضغان المنافقين، وكشف سترهم، وفضح سرائرهم في سورة (التوبة) وفي سورة (الأحزاب) وفي سورة (المنافقون) المسمّاة باسمهم، ولا سيما في سورة (النور) حيث قذفوا عائشة-رضي الله عنها- بالزنى، وبرّأها الله وطهّرها تطهيرا مما قالوا، وافتروا.

الإعراب: {أَمْ:} حرف بمعنى «بل» والهمزة، فهي منقطعة عمّا قبلها. {حَسِبَ:} فعل ماض. {الَّذِينَ:} فاعله مبني على الفتح في محل رفع. {فِي قُلُوبِهِمْ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم، والهاء في محل جر بالإضافة. {مَرَضٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية صلة الموصول، لا محلّ لها. هذا؛ وإن اعتبرت الجار والمجرور متعلقين بمحذوف صلة الموصول، و {مَرَضٌ} فاعلا بالجار والمجرور؛ أي: بمتعلقهما؛ فهو وجه صحيح، لا غبار عليه. {أَنْ:} حرف مشبه بالفعل مخفّف من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، التقدير: أنه. {لَنْ:} حرف نفي ونصب واستقبال. {يُخْرِجَ:} فعل مضارع منصوب ب‍: {لَنْ}. {اللهُ:} فاعله. والجملة الفعلية في محل رفع خبر {أَنْ} المخففة من الثقيلة، و {أَنْ} واسمها المحذوف، وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سدّ مسدّ مفعولي: {حَسِبَ،} والجملة الفعلية مستأنفة بعد {أَمْ} المنقطعة، لا محلّ لها. {أَضْغانَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة.

{وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (٣٠)}

الشرح: {وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ:} قال الخازن-رحمه الله تعالى-: لما قال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ} فكأنّ قائلا قال: لم لم يخرج أضغانهم، ويظهرها، فأخبر تعالى: أنه إنما أخّر ذلك لمحض المشيئة، لا لخوف منهم، فقال تعالى: {وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ} لا مانع لنا من ذلك، والإرادة بمعنى التعريف، والعلم. انتهى.

هذا؛ ولكن الله لم يفعل ذلك في جميع المنافقين سترا منه على خلقه، وحملا للأمور على ظاهر السلامة، وردا للسرائر إلى عالمها. هذا؛ والسيما: العلامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>