{بِالْهَزْلِ:} الباء: حرف جر صلة. (الهزل): خبر (ما)، أو خبر المبتدأ، فهو مجرور لفظا، منصوب، أو مرفوع محلا، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من اسم (إنّ) فالمعنى لا يأباه، وعليه فالرابط: الواو، والضمير.
تنبيه: بمناسبة الكلام على القول: فأتكلم على الكلام، فأقول: أما الكلام بالنسبة للبشر، فهو يدل على أحد ثلاثة أمور:
أولها: الحدث الذي يدل عليه لفظ التكليم، تقول: أعجبني كلامك، تريد تكليمك إياه.
وقال الشاعر: [البسيط]
قالوا كلامك هندا وهي مصغية... يشفيك قلت صحيح ذاك لو كانا
ثانيها: ما يدور في النفس من هواجس، وخواطر، وكل ما يعبر عنه باللفظ؛ لإفادة السامع ما قام بنفس المخاطب، فيسمى هذا الذي تخيلته في نفسك كلاما في اللغة العربية. تأمل قول الأخطل التغلبي: [الكامل]
لا يعجبنّك من خطيب خطبة... حتّى يكون مع الكلام أصيلا
إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما... جعل اللّسان مع الفؤاد دليلا
وثالثها: كل ما تحصل به الفائدة، سواء أكان ما حصلت به لفظا، أو خطّا، أو إشارة، أو دلالة حال؟ انظر إلى قول العرب (القلم أحد اللّسانين) وانظر إلى تسمية المسلمين ما بين دفّتي المصحف: (كلام الله) ثم انظر إلى قوله تعالى: {يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ} وقال جلّ شأنه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ}. وإلى كلمته جلت حكمته: {قالَ آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً}. ثم انظر إلى قول عمر بن أبي ربيعة؛ الذي نفى الكلام اللفظي عن محبوبته، وأثبت لعينها القول، وذلك في قوله: [الطويل]
أشارت بطرف العين خيفة أهلها... إشارة محزون ولم تتكلّم
فأيقنت أنّ الطّرف قد قال مرحبا... وأهلا وسهلا بالحبيب المتيّم
ثم انظر إلى قول نصيب بن رباح: [الطويل]
فعاجوا فأثنوا بالّذي أنت أهله... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب
{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥) وَأَكِيدُ كَيْداً (١٦) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (١٧)}
الشرح: {إِنَّهُمْ} أي: مشركي قريش. {يَكِيدُونَ كَيْداً:} يحتالون بالمكر بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وذلك حين اجتمعوا في دار الندوة، وتشاوروا فيه في ليلة الهجرة، يريدون الفتك بالنبي صلّى الله عليه وسلّم. {وَأَكِيدُ كَيْداً} أي: