متصل في محل رفع فاعل، والألف للتفريق. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من:{بَنَيْنا،} كان صفة له، فلما قدم عليه؛ صار حالا، على القاعدة:«نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا». {بَنَيْنا:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، {فَأَلْقُوهُ:} فعل أمر، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها. {فِي الْجَحِيمِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الضمير المنصوب؛ التقدير: ألقوه مطروحا في الجحيم.
وجملة:{قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
{فَأَرادُوا:} الفاء: حرف عطف. (أرادوا): فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {بِهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بما بعدهما؛ لأنه مصدر. {كَيْداً:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة بالفاء العاطفة على جملة:{قالُوا..}. إلخ لا محل لها مثلها. {فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ:} فعل ماض ومفعولاه، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.
الشرح:{وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ:} لما نجاه الله من النار، وخلصه من كيد الكفار؛ هجر قومه، واعتزلهم. والمعنى: إني مهاجر من بلاد قومي إلى حيث أمرني ربي، قال مقاتل -رحمه الله تعالى-: هو أول من هاجر من الخلق مع لوط ابن أخيه، وسارة زوجته إلى الأرض المقدسة، وهي أرض الشام. وقيل: المعنى: إني ذاهب بعملي، وعبادتي، وقلبي، ونيتي. فعلى هذا ذهابه بالعمل لا بالبدن، والواقع يرد هذا قطعا؛ لأنه هاجر ببدنه محافظة على دينه وعبادته.
وقيل: قال هذا قبل إلقائه في النار. ولا وجه له ألبتة، وما بعده، يرده. وقوله هذا كان بعد نجاته من النار. ومعنى {سَيَهْدِينِ:} سير شدني إلى ما فيه صلاحي في ديني، ويوفقني لطاعته وعبادته. والأوجه: أن السين للتأكيد دون التسويف، وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار.
وقال ذلك ثقة بالله، وتنبيها لقومه على أن الهداية من الله تعالى.
{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصّالِحِينَ} أي: ارزقني ولدا من الصالحين يؤنسني في غربتي عن وطني الذي عشت فيه. قال ابن كثير: يعني: أولادا مطيعين، يكونون عوضا من قومه، وعشيرته؛ الذين فارقهم. هذا؛ ولفظ {هَبْ} دليل واضح على أن الولد الصالح هبة، ومنحة من الله للوالدين، فلم يقل عليه الصلاة والسلام: اعطني، وارزقني، وإنما قال:{هَبْ لِي،} وقال علي بن أبي طالب-كرم الله وجهه-لابن عباس-رضي الله عنهما-حين هنأه بولده علي