الإعراب: {إِنّا:} (إنّ): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {نَحْنُ:} ضمير منفصل فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه ضمير فصل لا محل له من الإعراب. والثاني: أنه توكيد لاسم (إنّ) على المحل. والثالث: أنه في محل رفع مبتدأ.
{نَزَّلْنا:} فعل، وفاعل. {عَلَيْكَ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {الْقُرْآنَ:} مفعول به.
{تَنْزِيلاً:} مفعول مطلق، والجملة الفعلية. {نَزَّلْنا..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ) على الوجه:
الأول، والثاني في الضمير، وفي محل رفع خبره على الوجه الثالث فيه، وعليه: فالجملة الاسمية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنّا نَحْنُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (٢٤)}
الشرح: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} أي: لعبادته، فهي من الحكمة المحضة. وقيل: معناه فاصبر لحكم ربك في تأخير الإذن بالقتال. وقيل: هو عام في جميع التكاليف، أي: فاصبر لحكم ربك في كل ما حكم الله به، سواء كان تكليفا خاصا، كالعبادات، والطاعات، أو عاما متعلقا بالغير، كالتبليغ، وأداء الرسالة، وتحمل المشاق، وغير ذلك.
{وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} أي: لا تطع الكافرين، والمنافقين؛ إن أرادوا صدك عما أنزل إليك، بل بلغ ما أنزل إليك من ربك، وتوكل عليه، فإن الله يعصمك من الناس، فالآثم: هو الفاجر في أفعاله، والكفور: هو الكافر قلبه. قال تعالى في سورة (الأحزاب) رقم [٤٨]: {وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً}.
هذا؛ وقيل: أراد بالآثم، والكفور: أبا جهل، وذلك: أنه لما فرضت الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم نهاه أبو جهل عنها. وقال: لئن رأيت محمدا يصلي؛ لأطأنّ على عنقه! وقيل: أراد بالآثم:
عتبة بن ربيعة، وبالكفور: الوليد بن المغيرة، وذلك: أنهما قالا للنبي صلّى الله عليه وسلّم: إن كنت صنعت ما صنعت لأجل النساء والمال، فارجع عن هذا الأمر! وقال عتبة: أنا أزوجك ابنتي، وأسوقها إليك بغير مهر. وقال الوليد: أنا أعطيك من المال حتى ترضى، فارجع عن هذا الأمر! فأنزل الله هذه الآية. فإن قلت: هل من فرق بين الآثم، والكفور؟ قلت: نعم، الآثم: هو المقدم على المعاصي؛ أي: معصية كانت، والكفور: هو الجاحد، فكل كفور آثم، ولا ينعكس؛ لأن من عبد غير الله؛ فقد اجتمع في حقه هذان الوصفان؛ لأنه لما عبد غير الله؛ فقد عصاه، وجحد نعمه عليه. انتهى خازن. هذا؛ و (كفور) صيغة مبالغة، ومعناها: المبالغ في الكفر، والجحود.
وقيل: {أَوْ} هنا بمعنى الواو، فيكون قد جمع بين الوصفين.
الإعراب: {فَاصْبِرْ:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، التقدير: وإذا كان ما ذكر من تنزيل القرآن واقعا، وحاصلا من عندنا لا من عند غيرنا؛ فاصبر. (اصبر): فعل أمر،