للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبِّكَ: متعلقان ب‍: {رَحْمَةً،} أو بمحذوف صفة لها، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {لِتُنْذِرَ:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل مستتر، تقديره: «أنت»، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل الذي رأيت تقديره على جميع الأوجه التي رأيتها، ومتعلقان ب‍: {رَحْمَةً} على التقدير الأخير.

{قَوْماً:} مفعول به. {ما:} نافية. {أَتاهُمْ:} فعل ماض، والهاء مفعول به. {مِنْ:} حرف جر صلة. {نَذِيرٍ:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الفعلية في محل نصب صفة: {قَوْماً...}. {مِنْ قَبْلِكَ:} متعلقان ب‍: {نَذِيرٍ،} والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ:} انظر مثلها في الآية رقم [٤٣] إعرابا، ومحلا.

{وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)}

الشرح: {وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ:} عقوبة، ونقمة. {بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ:} من الكفر، والظلم، والمعاصي. ولما كانت أكثر الأعمال تزاول بالأيدي؛ نسبت الأعمال كلها إلى الأيدي، وإن كانت من أعمال القلوب، والأرجل، والعيون، والآذان تغليبا للأكثر على الأقل. {فَيَقُولُوا:}

عند معاينة العذاب. {رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ..}. إلخ: أي هلا أرسلت إلينا يا ربنا رسولا يدعونا إلى الإيمان، ويبين لنا ما يجب علينا من عبادتك، وتقديسك، وتعظيمك. {فَنَتَّبِعَ آياتِكَ} أي: التي جاء بها الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم. {وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي: من المصادقين له، وبما جاء به.

قال النسفي: والمعنى: لولا أنهم قائلون إذا عوقبوا بما قدموا من الشرك، والمعاصي:

هلا أرسلت إلينا رسولا محتجين علينا بذلك؛ لما أرسلنا إليهم، يعني أن إرسال الرسول إليهم، إنما هو ليلزموا الحجة، ولا يلزموها، كقوله تعالى: {لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}.

فإن قلت: كيف استقام هذا المعنى؟ وقد جعلت العقوبة هي السبب في الإرسال، لا القول؛ لدخول {لَوْلا} الامتناعية عليها دونه!.

قلت: القول هو المقصود بأن يكون سببا للإرسال، ولكن العقوبة لما كانت سببا للقول وكان وجوده بوجودها؛ جعلت العقوبة كأنها سبب الإرسال، فأدخلت عليها {لَوْلا،} وجيء بالقول معطوفا عليها بالفاء المعطية معنى السببية، ويؤول معناه إلى قولك: ولولا قولهم هذا إذا أصابتهم مصيبة؛ لما أرسلنا إليهم رسولا. انتهى. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٣٤] من سورة (طه)، تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>