للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضمير؛ إذ مقتضى القياس: (إنا لا نضيع أجرهم) أو هناك ضمير محذوف، التقدير: أجر المصلحين منهم. هذا؛ وعلى اعتبار عطف (الذين) على سابقه، فالجملة الاسمية: {إِنّا لا نُضِيعُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاُذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١)}

الشرح: {نَتَقْنَا:} قلعنا، ورفعنا، وأصل النتق: الجذب. هذا؛ والنتق قلع الشيء من موضعه والرمي به، ومنه نتق ما في الجراب إذا نفضه فرمى به، وامرأة ناتق ومنتاق إذا كانت كثيرة الولادة، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «عليكم بزواج الأبكار، فإنّهنّ أنتق أرحاما، وأطيب أفواها، وأرضى باليسير». {الْجَبَلَ:} جبل الطور للتصريح به في الآية رقم [٦٣] (البقرة). {ظُلَّةٌ:}

سقيفة فوقهم. {وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ:} علموا وأيقنوا: أنه ساقط عليهم، فالظن ليس على بابه هنا. {بِقُوَّةٍ:} بجد واجتهاد وصدق عزيمة، ولا بد من تقدير «قلنا» قبل: {خُذُوا} ليرتبط نظم الكلام. {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ:} الله، وتتركون الكفر والمعاصي والعناد وقبائح الأعمال، ورذائل الأخلاق هذا؛ وانظر (التقوى) في الآية رقم [٢٦]. هذا؛ والترجي في هذه الآية وأمثالها، إنما هو بحسب عقول البشر؛ لأن الله تعالى لا يحصل منه ترج، ورجاء لشيء من عباده، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

تنبيه: قال أصحاب الأخبار: إن بني إسرائيل لما أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة لما فيها من التكاليف الشاقة؛ أمر الله-عز وجل-جبريل-عليه السّلام-أن يرفع جبل الطور فوق رءوسهم، وقيل لهم: إن لم تقبلوا ما فيها سقط الجبل عليكم، فلما رأوا الجبل فوقهم؛ خروا ساجدين، فسجد كل واحد منهم على خدّه، وحاجبه الأيسر، وجعل ينظر بعينه اليمنى إلى الجبل خوفا من سقوطه عليه، لذلك لا تسجد اليهود إلا على شقهم الأيسر. انتهى بتصرف. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢/ ٦٣] تأمل، وتدبر، والله أعلم، وأجل، وأكرم.

الإعراب: {وَإِذْ:} الواو: حرف عطف. (إذ): معطوفة على مثلها في الآية رقم [١٦٧] وإعرابها مثلها. {نَتَقْنَا الْجَبَلَ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذ) إليها. {فَوْقَهُمْ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله. وقيل: متعلق بمحذوف حال من:

{الْجَبَلَ،} والهاء في محل جر بالإضافة. {كَأَنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها.

{ظُلَّةٌ:} خبرها، والجملة الاسمية: {كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} في محل نصب حال من: {الْجَبَلَ،} والرابط الضمير فقط. وقول مكي: خبر لمبتدإ محذوف لا وجه له قطعا. (ظنوا): فعل، وفاعل، والمصدر المؤول من: {أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ} في محل نصب سد مسد مفعولي الفعل: (ظنوا)،

<<  <  ج: ص:  >  >>