{عادَيْتُمْ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والعائد محذوف، التقدير: الذين عاديتموهم. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المحذوف، العائد على الموصول، و (من) بيان لما أبهم في الموصول. {مَوَدَّةً:} مفعول به ليجعل، والجملة الاسمية:{وَاللهُ قَدِيرٌ} مستأنفة، لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها، لا محل لها مثلها.
الشرح: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: نزلت في خزاعة، وذلك: أنهم صالحوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، على ألاّ يقاتلوه، ولا يعينوا عليه أحدا، فرّخص الله في برهم. انتهى. أي:
وكانوا لا يزالون كفارا. وقال عبد الله بن الزبير-رضي الله عنهما-: نزلت في أمه أسماء-رضي الله عنها-، وذلك أن أمها قتيلة بنت عبد العزّى، وكانت كافرة، وقد طلقها أبو بكر-رضي الله عنه-حين أبت الإسلام، ويقال: طلقها في الجاهلية قبل الإسلام. وبقيت في مكة كافرة، قدمت على ابنتها أسماء-رضي الله عنها-المدينة بهدايا، ضبابا، وأقطا، وسمنا، فقالت أسماء-رضي الله عنها-: لا أقبل منك هدية، ولا تدخلي عليّ بيتا؛ حتى أستأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسألته:
فأنزل الله تعالى هذه الاية، فأمرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تدخلها منزلها، وأن تقبل هديتها، وتكرمها، وتحسن إليها.
فعن أسماء-رضي الله عنها-قالت: قدمت عليّ أمي، وهي مشركة في عهد قريش؛ إذ عاهدوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومدّتهم مع أبيها فاستفتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: يا رسول الله! إن أمي قدمت عليّ، وهي راغبة؛ أفأصلها؟ قال:«نعم صليها». متفق عليه، زاد ابن عيينة في رواية:
فأنزل الله فيها:{لا يَنْهاكُمُ اللهُ..}. إلخ.
أقول: الاية صريحة في إباحة معاملة المشركين الذين لا يناصبوننا العداء، بل وهي صريحة في الإحسان إليهم، والبر بهم، ومعنى (تقسطوا إليهم): تعطوهم قسطا من أموالكم على وجه الصلة، والإحسان لكن لا يكون هذا من مال الزكاة الواجبة، ولا من أموال الكفارات، والنذور، ومعنى {الْمُقْسِطِينَ:} المحسنين، وليس المراد به العدل المذكور في سورة (الحجرات) رقم [٩] تنبه لذلك، واحفظه.
الإعراب:{لا:} نافية. {يَنْهاكُمُ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والكاف مفعول به. {اللهُ:} فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {عَنِ}