(قليل): معطوف على {ثُلَّةٌ}. {مِنَ الْآخِرِينَ:} متعلقان ب: (قليل) أو بمحذوف صفة له، وعلامة الجر فيه وفي سابقه الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {عَلى سُرُرٍ:} متعلقان بمحذوف خبر {ثُلَّةٌ،} أو هما متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هم على سرر، على الوجه الأول في {ثُلَّةٌ،} والجملة هي مستأنفة، لا محل لها. {مَوْضُونَةٍ:} صفة {سُرُرٍ}. {مُتَّكِئِينَ:} حال من الضمير المستتر في متعلق الجار والمجرور: {عَلى سُرُرٍ} التقدير: استقروا عليها متكئين. {عَلَيْها:} جار ومجرور متعلقان ب: {مُتَّكِئِينَ}. {مُتَقابِلِينَ:} حال ثانية. وقال أبو البقاء: حال من الضمير المستتر ب: {مُتَّكِئِينَ} وعليه فهي حال متداخلة، وفاعلهما ضمير مستتر فيهما، وعلامة نصبهما الياء... إلخ.
الشرح:{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ} أي: غلمان لا يموتون، ولا يهرمون، ولا يتغيرون، ولا ينتقلون من حالة إلى حالة، ومنه قول امرئ القيس:[الطويل] وهل ينعمن إلاّ سعيد مخلّد... قليل الهموم ما يبيت بأوجال
وقال سعيد بن جبير-رحمه الله تعالى-: مخالدون مقرّطون، والخلد: القرط، وهو الحلقة تعلق في الأذن، قال الشاعر:
فهم على سن واحدة، أنشأهم الله لأهل الجنة، يطوفون عليهم كما شاء من غير ولادة، وصححه الخازن، كما أن الحور العين خلقهن الله من غير ولادة. وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، والحسن البصري: الولدان ها هنا: ولدان المسلمين، الذين يموتون صغارا، ولا حسنة لهم ولا سيئة. وقال سلمان الفارسي-رضي الله عنه-: أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة. قال الحسن البصري-رحمه الله تعالى-: لم يكن لهم حسنات يجزون بها، ولا سيئات يعاقبون عليها، فوضعوا في هذا الموضع، والمقصود: أن أهل الجنة على أتم السرور، والنعمة، والنعمة إنما تتم باحتفاف الخدم، والولدان بالإنسان.
أقول: ما نسب إلى علي، والحسن ضعيف جدا؛ لأن أولاد المسلمين الصغار يكونون مع آبائهم، وأمهاتهم، وهو من جملة السرور، بل من أعظم السرور اجتماعهم بهم. قال تعالى في سورة (الطور): {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} رقم [٢١]. وتشبهها آية (الرعد) رقم [٢٣]؛ لأن من المؤمنين من لا ولد له، فلو خدمه ولد غيره كان منقصة بأبي الخادم. وقول