للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {هذا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {نَذِيرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {مِنَ النُّذُرِ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {نَذِيرٌ،} أو بمحذوف صفة له، {الْأُولى:} صفة {النُّذُرِ} مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر. {أَزِفَتِ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث. {الْآزِفَةُ:}

فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {لَيْسَ:} فعل ماض. {لَها:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {لَيْسَ} تقدم على اسمها. {مِنْ دُونِ:} متعلقان بمحذوف خبر ثان، أو هما متعلقان بالخبر المحذوف، وتعليقهما ب‍: {كاشِفَةٌ} لا بأس به، و {دُونِ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {كاشِفَةٌ:} اسم ليس مؤخر، والجملة الفعلية مستأنفة. وقيل: في محل نصب حال من {الْآزِفَةُ}.

{أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلّهِ وَاُعْبُدُوا (٦٢)}

الشرح: {أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ} يعني: القرآن، وانظر ما ذكرته في سورة (الذاريات) رقم [٢٤] ورقم [٣٤] من سورة (الطور). {تَعْجَبُونَ} أي: تتعجبون إنكارا من أن يكون صحيحا أنزله الله على رجل فقير، لا يملك شيئا من عرض الدنيا. هذا؛ والعجب (بفتح العين، والجيم): انفعال نفساني، يعتري الإنسان عند استعظامه، أو استطرافه، أو إنكاره ما يرد عليه. وقال الراغب:

العجب: حيرة تعرض للإنسان بسبب الشيء، وليس هو شيئا له في ذاته حالة حقيقية، بل هو بحسب الإضافات إلى من يعرف السبب، ومن لا يعرفه، وحقيقة أعجبني كذا: ظهر لي ظهورا لم أعرف سببه. هذا؛ والعجب، والتعجّب في حق الله تعالى ليس هو كالتعجب من الادميين؛ لأن العجب من الناس محمول على إنكار الشيء، وتعظيمه، والعجب، والتعجب في حق الله تعالى محمول على تعظيم تلك الحالة، فإن كانت قبيحة يترتب عليها العقاب، وإن كانت حسنة يترتب عليها الثواب. هذا؛ وقد ورد العجب، والتعجب من الله تعالى في بعض الايات القرآنية مثل قوله تعالى في سورة (الرعد) رقم [٥٠]: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}. وفي بعض الأحاديث الشريفة، مثل قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم لمن أقرى الضيف المجهود: «قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما». رواه مسلم، وغيره عن أبي هريرة-رضي الله عنه-، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «يعجب ربّك من راعي غنم في رأس شظيّة للجبل يؤذّن بالصّلاة، ويصلّي». رواه أبو داود، والنسائي عن عقبة بن عامر-رضي الله عنه-. هذا؛ وسئل الجنيد-رحمه الله تعالى-عن آية (الصافات) رقم [١٢]:

{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} حيث قرئ بضم التاء، فقال: إن الله لا يعجب من شيء، ولكن وافق رسوله، ولما عجب رسوله صلّى الله عليه وسلّم، قال: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>