للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حال، وهو ضعيف. {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} أي: قربت الساعة، ودنت القيامة، وسماها الله آزفة لقرب قيامها عنده، كما قال: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً} وقيل: سماها: آزفة؛ لدنوها من الناس، وقربها منهم؛ ليستعدوا لها؛ لأن كل ما هو آت قريب. قال النابغة الذبياني: [الكامل] أزف التّرحّل غير أنّ ركابنا... لمّا تزل برحالنا وكأن قد

وهذا هو الشاهد رقم [٣١٥] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»، وكان بعضهم يتمثل، ويقول معترفا بتقصيره بطاعة الله تعالى: [الكامل] أزف الرّحيل وليس لي من زاد... غير الذّنوب لشقوتي ونكادي

هذا؛ وقد قال الله تعالى في سورة (غافر) رقم [١٨]: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ،} وقال تعالى في أول سورة (النحل): {أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ،} وقال في أول سورة (الأنبياء): {اِقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ}. {لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ} أي: ليس لها من دون الله من يؤخرها، أو يقدمها. وقيل: كاشفة؛ أي: انكشاف؛ أي: لا يكشف عنها، ولا يبديها إلا الله تعالى، فالكاشفة على هذا اسم بمعنى المصدر، مثل: العاقبة، والعافية، والداهية، والباقية، قال تعالى في سورة (الحاقة): {فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ،} أو المعنى: ليس لها نفس قادرة على كشفها إذا وقعت إلا الله، لكنه لا يكشفها، أو المعنى: ليس لها كاشفة لوقتها إلا الله؛ إذ لا يطلع عليها أحد سواه. قال تعالى في سورة (الأعراف) رقم [١٨٧]: {قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ}.

هذا؛ و {دُونِ} بمعنى: غير، وسوى هنا، وأصله من الدنو، وهو القرب، ومنه تدوين الكتب؛ لأنه إدناء؛ أي: تقريب البعض من البعض. ثم استعير للرتب، فيقال: زيد دون عمرو؛ أي: في الشرف، والسيادة، وعلو المنزلة، ثم اتسع فيه، فاستعمل في كل تجاوز حد إلى حد.

هذا؛ ويأتي «دون» بمعنى: قدام، قال الشاعر: [الطويل] تريك القذى من دونها وهي دونه... إذا ذاقها من ذاقها يتمطّق

هذا؛ ومثله: «أدنى» وألفه منقلبة عن واو؛ لأنه من: دنا، يدنو: إذا قرب، وله معنيان:

أحدهما: أن يكون المعنى ما تقرب قيمته بخساسته، ويسهل تحصيله. والثاني: أن يكون بمعنى القريب منكم؛ لكونه في الدنيا، والذي هو خير ما كان من امتثال أوامر الله تعالى؛ لأن نفعه متأخر إلى الاخرة، خذ قوله تعالى لليهود اللؤماء، حكاية عن قول موسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} من سورة (البقرة) رقم [٦١].

وقيل: الألف مبدلة من همزة؛ لأنه مأخوذ من: دنؤ يدنؤ، فهو دنيء، والمصدر: الدناءة، وهو من الشيء الخسيس، فأبدلت الهمزة ألفا. وقيل: أصله: أدون من الشيء الدون، فأخرت الواو، فانقلبت ألفا، فوزنه الان: أفلع. انتهى. عكبري في إعراب الاية [٦١] من سورة (البقرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>