للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمها. {أَعْلَنْتُ:} فعل، وفاعل. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والتي بعدها معطوفة عليها، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا. {إِسْراراً:} مفعول مطلق.

{فَقُلْتُ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١)}

الشرح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا..}. إلخ، قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: أمرهم بالاستغفار، الذي هو التوبة عن الكفر والمعاصي، وقدم إليهم الموعد بما هو أوقع في نفوسهم، وأحب إليهم من المنافع الحاضرة، والفوائد الجليلة، ترغيبا في الإيمان، وبركاته، والطاعة ونتائجها من خير الدارين، كما قال تعالى في سورة (الأعراف) رقم [٩٦]: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ،} وقال جل وعلا في سورة (المائدة) رقم [٦٦]: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ،} وقال جل وعز في سورة (الجن) رقم [١٦]: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً} وقيل: لما كذبوه بعد طول تكرير الدعوة؛ حبس الله عنهم القطر، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة، وروي سبعين، فوعدهم نوح-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: أنهم إن آمنوا؛ رزقهم الله تعالى الخصب، ودفع عنهم ما كانوا فيه.

وعن عمر-رضي الله عنه-أنه خرج يستسقي، فما زاد على الاستغفار، فقيل له: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد استسقيت بمجاديح السماء؛ التي يستنزل بها القطر، شبه الاستغفار بالأنواء الصادقة التي لا تخطئ. وعن الحسن البصري-رحمه الله تعالى-: أن رجلا شكا إليه الجدب، فقال: استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار، فقال له الربيع بن صبيح: أتاك رجال يشكون أبوابا، ويسألون أنواعا، فأمرتهم كلهم بالاستغفار، فتلا عليه هذه الآية، والتي بعدها. انتهى. كشاف.

هذا؛ و {كانَ} في القرآن الكريم على أوجه: تأتي بمعنى: الأزل، والأبد، وبمعنى: المضي المنقطع، وهو الأصل في معناها، وبمعنى: الحال، وبمعنى: الاستقبال، وبمعنى: صار، وبمعنى: حضر، وحصل، ووجد. وترد للتأكيد، وهي الزائدة، وهي هنا بمعنى: الاستمرار، فليست على بابها من المضي، وإن المعنى: كان، ولم يزل كائنا إلى يوم القيامة، وإلى أبد الآبدين في الدنيا والآخرة غفارا للذنوب، ستارا للعيوب، قابلا لتوبة من تاب. وانظر شرح (استغفر) في الآية رقم [٦] من سورة (المنافقون)، وانظر (كان) في سورة (الانشقاق) [١٣].

هذا؛ و {السَّماءَ} كل ما علاك من سقف، أو غيره، والمراد هنا: يرسل ماء السماء عليكم، فالمضاف محذوف، ويجوز أن يراد السحاب، أو المطر، أي: يرسل المطر. قال معاوية بن مالك: [الوافر]

<<  <  ج: ص:  >  >>