للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفاعل يعود إلى {اللهِ}. {الْكافِرِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنَّهُ..}. إلخ مستأنفة، أو تعليلية، أو معترضة في آخر الكلام لا محل لها من الإعراب على جميع الاعتبارات.

{وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦)}

الشرح: {وَمِنْ آياتِهِ} أي: ومن علامات قدرته، ودلائل ربوبيته، ووحدانيته. {أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ:} على جميع حالاتها، وقد عدد الفوائد في إرسالها فيما يلي: {مُبَشِّراتٍ} أي: بالمطر، وقد كثر مثل هذا التعبير في القرآن الكريم، فقد قال تعالى في سورة (الفرقان) رقم [٤٨]: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ،} وقال في سورة (النمل) رقم [٦٣]: {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}.

{وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} أي: ولإذاقة الرحمة، وهي نزول المطر، وحصول الخصب؛ الذي يتبعه، أو الروح الذي هو مع هبوبها. هذا؛ وأطلق الله على المطر اسم الرحمة؛ لأن به حياة الأرض، التي بها حياة الإنسان، والحيوان، وكل شيء فيها، كما هو مشاهد، وانظر (الإذاقة) في الآية رقم [٥٥] من سورة (العنكبوت).

{وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ} أي: بقدرته، وإرادته، وتدبيره، أو بتكوينه كقوله تعالى: {إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أي: ولتطلبوا رزقه الذي كتبه، وقدره لكم عن طريق التجارة في البحر، وركوب السفن فيه. {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:} هذه النعم المتسببة عن إرسال الرياح، وهي أربع هنا، وفوائدها أكثر من أن تعد وتحصى، وانظر (الشكر) في الآية رقم [١٢] من سورة (لقمان).

هذا؛ وقرأ حمزة، والكسائي، وابن كثير: «(الريح)» على إرادة الجنس، والريح في الأصل:

الهواء المسخر بين السماء والأرض، وهو جسم متحرك لطيف، ممتنع بلطفه من القبض عليه، يظهر للحس بحركته، ويخفى عن البصر بلطفه، وهو حياة كل نام، من إنسان، وحيوان، ونبات مثل الماء، بل الحاجة إليه أشد، وأصله: الرّوح، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، والجمع:

أرواح، ورياح، وأصل رياح: رواح، فعل فيه كما فعل بأصل ريح، والأكثر في الريح التأنيث، كما في قوله تعالى: {جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ} وقد تذكر على معنى الهواء.

والرياح الأصول أربع: إحداها: الشمال، وتأتي من ناحية الشمال، وهي شمال من استقبل مطلع الشمس، وهذه الريح حارة في الصيف، باردة في الشتاء. والثانية: الجنوب، وهي

<<  <  ج: ص:  >  >>