سورة القصص، وهي مكية كلها في قول الحسن، وعكرمة، وعطاء. وقال ابن عباس، وقتادة: إلا آية نزلت بين مكة والمدينة. وقال ابن سلام: بالجحفة في وقت هجرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة، وهي قوله عز وجل:{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ}. وقال مقاتل: فيها آية من المدني: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ} إلى قوله: {لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ}. وهي ثمان وثمانون آية، وأربعمائة وإحدى وأربعون كلمة، وخمسة آلاف وثمانمائة حرف. انتهى. قرطبي، وخازن.
الشرح:{نَتْلُوا عَلَيْكَ} أي: نقرأ عليك بواسطة جبريل؛ لأنه هو الذي ينزل عليك بكلامنا، ووحينا. {مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ} أي: من خبرهما، فقد ذكر الله في هذه السورة قصة موسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة وألف سلام-وفرعون، وقارون، واحتج على مشركي قريش، وبيّن: أن قرابة قارون من موسى لم تنفعه مع كفره، وكذلك قرابة قريش لمحمد صلّى الله عليه وسلّم.
وبيّن: أن فرعون علا في الأرض، وتجبر، فكان ذلك من كفره، فليجتنب العلو في الأرض، وكذلك التعزز بكثرة المال، وهما من سيرة فرعون وقارون، وخص المؤمنين بالذكر؛ لأنهم هم المنتفعون بالتذكير، وقص قصص الأنبياء.
هذا؛ و (النبأ): الخبر وزنا، ومعنى، ويقال: النبأ أخص من الخبر؛ لأن النبأ لا يطلق إلا على كل ما له شأن، وخطر من الأنباء. وقال الراغب: النبأ: خبر ذو فائدة يحصل به علم، أو غلبة ظن، ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة، وحقه أن يتعرّى عن الكذب كالمتواتر، وخبر الله تعالى، وخبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم. هذا؛ والفعل منه من الأفعال التي