عيسى عليه السّلام هي قوله تعالى حكاية عن قوله حيث قام خطيبا في بني إسرائيل، فقال:{إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}. ورؤيا أمّة كانت مناما، رأته حين حملت به، وقصّته على قومها. فشاع فيهم، واشتهر بينهم.
{يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ:} يقرأ عليهم آيات الكتاب الذي تنزّله عليهم، والمراد: القرآن الكريم الذي نزل على قلب الرسول صلّى الله عليه وسلّم. {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ} أي: القرآن، وهو آيات الله المذكورة، فعلى ذلك فهو من اختلاف اللفظ، واتحاد المعنى. {وَالْحِكْمَةَ:} المعرفة بالدّين، والفقه في التأويل، والفهم الذي هو منحة، ونور من الله تعالى، قاله مالك، وقال أبو بكر بن دريد: هي كل كلمة وعظتك، أو دعتك إلى مكرمة، أو نهتك عن قبيح؛ فهي حكمة. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٠٨] فإنه جيد والحمد لله. {يُزَكِّيهِمْ:} يطهرهم من الشرك، والمعاصي، وسوء الأخلاق، والطباع. {الْعَزِيزُ:} الغالب الذي لا يقهر، ولا يغلب على ما يريد، ومنه قوله تعالى:{وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ،} ومن قول الخنساء-رضي الله عنها-: [المتقارب]
كأن لم يكونوا حمى يتّقى... إذ النّاس إذ ذاك من عزّ بزّا
وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٦٨] فإنه جيد، والحمد لله!
الإعراب:{رَبَّنا:} منادى حذف منه أداة النداء. ({اِبْعَثْ}): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:
أنت. {فِيهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {رَسُولاً:} مفعول به. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان ب {رَسُولاً} وبمحذوف صفة له، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:{تَقَبَّلْ..}.
إلخ في الآية رقم [١٢٧] فهي داخلة معها في المقول. {يَتْلُوا:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدّرة على الواو للثقل، والفاعل يعود إلى {رَسُولاً،} والجملة الفعلية في محل نصب صفة: {رَسُولاً} أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بالجار والمجرور بعده. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {آياتِكَ} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، والكاف في محل جر بالإضافة، ({يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ}): فعل مضارع ومفعولاه، والفاعل يعود إلى {رَسُولاً،} والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها، وأيضا جملة:{وَيُزَكِّيهِمْ} وما يتعلق بالفعل معطوفة عليها. {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} انظر الآية رقم [١٢٧] فهو مثله بلا فارق.
الشرح:{وَمَنْ يَرْغَبُ} أي: لا يرغب، فالاستفهام بمعنى النّفي. هذا؛ والفعل:«يَرْغَبُ» يتغيّر معناه بتغير الجار الذي يتعلق به، تقول: رغبت عن الشيء: إذا كرهته، ولم تحبّه.