للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (٢٥) إِلاّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (٢٦)}

الشرح: {وَحُورٌ:} بيض، جمع: حوراء، وهي التي يرى ساقها من وراء ثيابها، ويرى الناظر وجهه في كعبها كالمرآة من دقة الجلد، وبضاضة البشرة، وصفاء اللون، وفي القاموس المحيط:

الحور بالتحريك: أن يشتد بياض العين، ويشتد سوادها، وتستدير حدقتها، وترق جفونها، ويبيض ما حواليها. {عِينٌ:} عظام العيون، شديدات بياضها، شديدات سوادها، ومنه قيل لبقر الوحش:

عين، والثور: أعين، والبقرة: عيناء. وانظر ما ذكرته في سورة (الرحمن) بشأن الحور العين، ففيه الكفاية. هذا؛ و {عِينٌ} جمع: عيناء وأصله: «عين» على وزن فعل، كقولك: حمراء وحمر، فكسرت العين لئلا تنقلب الياء واوا، فتشبه ذات الواو، وليس في كلام العرب ياء ساكنة، قبلها ضمة، ولا واو ساكنة قبلها كسرة، ومن العرب من يقول: «حير عين» على الاتباع.

{كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ:} انظر الاية رقم [٢٤] من سورة (الطور) ففيه الكفاية. {جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ} أي: فعلنا ذلك بهم مجازاة لأعمالهم الصالحة؛ التي كانوا يعملونها في الدنيا. {لا يَسْمَعُونَ فِيها} أي: في جنات النعيم. {لَغْواً:} باطلا من الكلام. واللغو: ما يرغب عنه من الكلام، ويستحق أن يلغى. وقيل: هو القبيح من القول. والمعنى: ليس فيها لغو فيسمع. {وَلا تَأْثِيماً:} قيل: معناه: أن بعضهم لا يقول لبعض: أثمت؛ لأنهم لا يتكلمون بما فيه إثم، كما يتكلم به أهل الدنيا. وقيل: معناه لا يأتون تأثيما؛ أي: ما هو سبب التأثيم من قول، أو فعل قبيح. {إِلاّ قِيلاً:} معناه: لكن يقولون قيلا، أو يسمعون قيلا. {سَلاماً سَلاماً:} يعني يسلم بعضهم على بعض. وقيل: تسلم الملائكة عليهم، أو يرسل الرب بالسلام إليهم. وفي سورة (الأحزاب) رقم [٤٤]: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ..}. إلخ وفي الايتين الأخيرتين تأكيد المدح بما يشبه الذم؛ لأن السّلام ليس من جنس اللغو والتأثيم، فهو مدح لهم بإفشاء السّلام. وهذا كقول القائل: لا ذنب لي إلا محبتك، وقال النابغة الذبياني: [الطويل] ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم... بهنّ فلول من قراع الكتائب

الإعراب: {وَحُورٌ:} (الواو): حرف عطف، أو حرف استئناف. (حور): يقرأ بالرفع، والنصب، والجر، فالرفع من وجهين: أحدهما وهو الأقوى: أنه مبتدأ خبره محذوف، التقدير:

ولهم، أو وعندهم حور، والثاني: أنه معطوف على {وِلْدانٌ} على المعنى، والنصب فعلى تقدير فعل؛ أي: يزوجون حورا عينا. وأما الجر فمن أوجه: أحدها: أنه عطف على {فِي جَنّاتِ} كأنه قيل: هم في جنات النعيم، وفاكهة، ولحم، وحور عين. قاله الزمخشري. الثاني: أنه معطوف على {بِأَكْوابٍ} وذلك بتجوز في قوله: {يَطُوفُ} إذ معناه: يتنعمون فيها بأكواب، وبكذا،

<<  <  ج: ص:  >  >>