للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢)}

الشرح: {فَإِذا سَوَّيْتُهُ:} فإذا أتممت خلقه، وعدلته. {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} أي:

وأحييته بنفخ الروح فيه، وإضافته إلى نفسه لشرفه، وطهارته. وقال الخازن: أضاف الروح إلى نفسه إضافة ملك على سبيل التشريف، كبيت الله، وناقة الله، ولأن الروح جوهر شريف قدسي يسري في بدن الإنسان سريان الضوء في الفضاء، وكسريان النار في الفحم. وانظر الآية رقم [٢٧] من سورة (الروم). {فَقَعُوا:} أمر من: وقع، يقع، بمعنى: سقط، يسقط، اسقطوا. {لَهُ ساجِدِينَ:} سجود تحية بالانحناء على وجه التكرمة والتبجيل، لا على وجه العبادة، فإنها لا تنبغي إلا لله الواحد القهار.

الإعراب: {فَإِذا:} الفاء: حرف استئناف. (إذا): ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {سَوَّيْتُهُ:}

فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على المشهور المرجوح هنا؛ إذ الراجح تعليق (إذا) هنا بالفعل بعدها، ولا تتعلق بالجواب؛ لاقترانه بالفاء، ولا يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها، وعليه فالجملة الفعلية ابتدائية لا محل لها. (نفخت): فعل، وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {مِنْ رُوحِي:} متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة جره كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة. {فَقَعُوا:} الفاء: واقعة في جواب (إذا). (قعوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق.

{لَهُ:} متعلقان بما قبلهما، وقيل: متعلقان ب‍: {ساجِدِينَ}. {ساجِدِينَ:} حال من واو الجماعة منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، وجملة: {فَقَعُوا..}. إلخ جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها في محل نصب مقول القول.

{فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلاّ إِبْلِيسَ اِسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤)}

الشرح: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} أي: امتثلوا الأمر، وسجدوا له خضوعا له، وتعظيما لله بتعظيمه، وفي المواهب عن جعفر الصادق: أنه قال: أول من سجد لآدم جبريل، ثم ميكائيل، ثم إسرافيل، ثم عزرائيل، ثم الملائكة المقربون، وكان السجود يوم الجمعة، من وقت الزوال إلى العصر. وقال الزمخشري: (كلّ) للإحاطة، و {أَجْمَعُونَ} للاجتماع. فأفادا معا: أنهم سجدوا جميعا في وقت واحد غير متفرقين في أوقات. ونوقش في الثاني بأنه باطل بدليل قوله تعالى في سورة (الحجر): {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ،} وبقوله تعالى حكاية عن قول إبليس بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>