يشاء من عباده، وانظر ما ذكرته في سورة (الحديد) رقم [٢١] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، وفي سورة (المائدة) رقم [٥٤]: {ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ}.
الإعراب:{ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {فَضْلُ:} خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {يُؤْتِيهِ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى {اللهِ،} والهاء مفعول به أول. {مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به ثان، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف التقدير: يؤتيه الذي، أو شخصا يشاء إيتاءه. والجملة الفعلية في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والعامل اسم الإشارة لما فيه من معنى الفعل، والرابط: الضمير فقط. وانظر مجيء الحال من المضاف إليه في الاية رقم [١٠] من سورة (الممتحنة). وقيل: الجملة في محل خبر ثان ل: {ذلِكَ،} والأول أقوى معنى. {وَاللهُ:}(الواو): حرف عطف. (الله): مبتدأ. {ذُو:} خبره مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، وهو مضاف، و {الْفَضْلِ} مضاف إليه.
{الْعَظِيمِ:} صفة {الْفَضْلِ،} والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.
الشرح:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ} أي: كلّفوا علمها والعمل بما فيها، وهم اليهود، وليس هو من الحمل على الظهر، وإنما هو من الحمالة، والحميل هو الكفيل. {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها} أي: لم يعملوا بما فيها، ولم يؤدوا حقها، فكأنهم لم يحملوها، {كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً:} جمع سفر، وهو الكتاب الكبير. قال مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة يهجو قوما من رواة الشعر:[الطويل] زوامل للأسفار لا علم عندهم... بجيّدها إلاّ كعلم الأباعر
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا... بأوساقه أو راح ما في الغرائر؟!
وهو بفتح الهمزة كما ترى، وهو بكسر الهمزة: الإنارة، والإضاءة بالفجر، ومصدر الفعل:
أسفر، يسفر إسفارا بمعنى: أضاء إضاءة.
وقال الشاعر في حق الجهال؛ الذين يقرؤون الأحاديث، ولا يفهمون معناها:[البسيط] إنّ الرّواة على جهل بما حملوا... مثل الجمال عليها يحمل الودع