الشرح:{ذلِكَ:} إشارة إلى ما ذكر من الإضلال بالنسبة للكافرين، وتكفير السيئات، وإصلاح العمل بالنسبة للمؤمنين. {بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا..}. إلخ: أي بسبب اتباع هؤلاء الباطل، واتباع هؤلاء الحق، وهو تصريح بما أشعر به ما قبلها، ولذلك تسمى هذه الاية تفسيرا.
{كَذلِكَ} أي: مثل ذلك الضرب {يَضْرِبُ اللهُ لِلنّاسِ أَمْثالَهُمْ:} يبيّن لهم أحوال الفريقين، أو أحوال الناس، أو يضرب أمثالهم بأن جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار، والإضلال مثلا لخيبتهم، واتباع الحق مثلا للمؤمنين، وتكفير السيئات مثلا لفوزهم.
هذا؛ والكفر: ستر الحق بالجحود، والإنكار، وكفر فلان النعمة، يكفرها كفرا، وكفورا، وكفرانا: إذا جحدها، وسترها وأخفاها، قال تعالى في سورة (إبراهيم) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ} رقم [٧]. وكفر الشيء: ستره، وغطّاه، وسمي الكافر: كافرا؛ لأنه يغطي نعم الله بجحدها، وعبادته غيره. وسمي الزارع كافرا؛ لأنه يلقي البذر في الأرض، ويغطيه، ويستره بالتراب، قال تعالى في تشبيه حال الدنيا:{كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ} رقم [٢٠] من سورة (الحديد). وسمّي الليل: كافرا؛ لأنه يغطي، ويستر كل شيء بظلمته، قال لبيد بن ربيعة الصحابي-رضي الله عنه- في معلقته رقم [٦٥]. [الكامل] حتّى إذا ألقت يدا في كافر... وأجنّ عورات الثّغور ظلامها
هذا؛ وأطلق لفظ الكافر على النهر، قال المتلمس حين ألقى الصحيفة في النهر:[الطويل] وألقيتها بالثّني من جنب كافر... كذلك ألقي كلّ رأي مضلّل
رضيت لها بالماء لمّا رأيتها... يجول بها التيّار في كلّ جدول
{الْباطِلَ:} ضد الحق، والباطل: الفاسد، والمراد به هنا: الشرك. وقيل: الشيطان. وجاء بمعنى العبث في سورة (ص) رقم [٢٧]، وذلك بقوله تعالى:{وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً} والبطلان: عبارة عن عدم الشيء، إما بعدم ذاته، وإما بعدم فائدته، ونفعه. هذا؛ وبطل من باب: دخل، والبطل بفتحتين: الشجاع، والبطل بضم فسكون: الباطل، والكذب، والبطالة:
التعطل، والتفرغ من العمل، ويجمع باطل على: أباطيل شذوذا، كما شذّ: أحاديث، وأعاريض، وأفاظيع في جمع: حديث، وعريض، وفظيع. هذا؛ ومبطل: اسم فاعل من: أبطل الرباعي. وانظر شرح {الْحَقَّ} في الاية رقم [٢٢] من سورة (الجاثية).