للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البعير، ثم جعل النحر عقرا؛ لأن ناحر البعير يعقره، ثم ينحره، وباب: عقر: ضرب. هذا؛ وكان «قدار» المذكور أحمر، أزرق العينين، قصيرا، كما كان فرعون كذلك، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:

«يا عليّ! أشقى الأوّلين عاقر ناقة صالح، وأشقى الآخرين قاتلك». ولا تنس: أنه لا يراد بأصبحوا التوقيت، بل هي بمعنى: صاروا.

الإعراب: {فَعَقَرُوها:} الفاء: حرف استئناف. (عقروها): ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {فَأَصْبَحُوا:} الفاء: حرف عطف. (أصبحوا): فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {نادِمِينَ:} خبر (أصبح) منصوب... إلخ، وجملة: {فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ} معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها.

{فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٥٩)}

الشرح: {فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ:} وهي الرجفة المصرح بها في الآية رقم [٧٨] من سورة (الأعراف)، والصيحة المصرح بها في الآية رقم [٦٧] من سورة (هود) والرجفة: هي الزلزلة الشديدة العظيمة، وأما الصيحة: فهي صيحة جبريل عليه السّلام، وجمع بينهما بأن الزلزلة أتت من تحتهم، والصيحة من فوقهم؛ حتى هلكوا.

تنبيه: يروى: أن الناقة ولدت ولدا مثلها، ومكثت الناقة مع ولدها ترعى الشجر، وترد الماء غبّا، فإذا كان يومها وضعت رأسها في البئر، فما ترفعه حتى تشرب كل ماء فيها، ثم تتفحج، فيحلبون منها ما شاؤوا حتى تمتلئ أوانيهم، فيشربون، ويدخرون، وكانت تصيّف بظهر الوادي، فتهرب منها أنعامهم إلى بطنه، وتشتو ببطنه، فتهرب منها مواشيهم إلى ظهره، فشق ذلك عليهم، وزينت عقرها لهم عنيزة أم غنم، وصدقة بنت المختار، فعقروها واقتسموا لحمها، فرقى ولدها جبلا اسمه قارة، فرغا ثلاثا، فقال لهم صالح-على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: أدركوا الفصيل عسى أن يرفع عنكم العذاب، فلم يقدروا عليه، حيث انفجّت الصخرة بعد رغائه، فدخلها، فقال لهم صالح: تصبح وجوهكم غدا مصفرة، وبعد غد محمرة، وفي اليوم الثالث مسودة، ثم يصبحكم العذاب. فلما رأوا العلامات؛ طلبوه؛ ليقتلوه، فأنجاه الله إلى أرض فلسطين، ولما كانت ضحوة اليوم الرابع، تحنطوا بالصّبر، وتكفنوا بالأنطاع، فأتتهم صيحة من السماء بعد الزلزلة، فتقطعت قلوبهم، فهلكوا.

وفي الخازن عن ابن عمر-رضي الله عنهما-قال: لمّا مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحجر؛ قال:

«لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين». ثم قنّع رأسه، وأسرع السير؛ حتى جاوز الوادي. متفق عليه. وعنه أيضا: أن الناس نزلوا مع رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>