للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ} الذي زعمتم في قولكم: {نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا} فكيف تدعون الإيمان لأنفسكم، وقد فعلتم الأفاعيل، من كفركم بآيات الله، ومخالفتكم الأنبياء، بل وقتلكم إيّاهم، ثم كفركم بمحمد صلّى الله عليه وسلّم خاتم الرّسل، وسيد الأنبياء المبعوث إلى النّاس أجمعين؟!

الإعراب: {وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ:} انظر إعراب هذا الكلام في الآية رقم [٦٣] القريبة منك. {قالُوا:} فعل ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {سَمِعْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، والتي بعدها معطوفة عليها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا، ومفعول الفعلين محذوف لعلمه من المقام، وجملة: {قالُوا:}

مستأنفة لا محلّ لها؛ لأنها بمنزلة جواب لسؤال مقدّر نشأ من الكلام السابق. {وَأُشْرِبُوا:}

الواو: واو الحال. ({أُشْرِبُوا}): فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأوّل. {فِي قُلُوبِهِمُ:} متعلقان بمحذوف حال من: حبّ العجل المذكور بعدهما، وهو أولى من تعليقهما بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {الْعِجْلَ:}

مفعول به ثان، وهو في الأصل مضاف إليه انظر الشرح. {بِكُفْرِهِمْ:} متعلقان بالفعل ({أُشْرِبُوا}) والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله. وجملة: ({أُشْرِبُوا}): في محل نصب حال من واو الجماعة في: {قالُوا} والرابط الواو، وهي على تقدير «قد» قبلها، والحالية أقوى من العطف على جملة: {قالُوا}. وقيل: مستأنفة لا محل لها، وهو ضعيف.

{قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ:} انظر إعراب هذا الكلام في الآية رقم [٩٠] والمخصوص بالذم محذوف؛ أي: المذموم عبادة العجل، وهذا المخصوص يجوز فيه ما ذكرته في الآية المذكورة من التقديم والتأخير، والجملة {بِئْسَما} في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ بِئْسَما:} مستأنفة لا محل لها. {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ:} انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [٩١] وما قيل فيها، والجواب محذوف تقديره:

فلم قتلتم أنبياء الله؟ أو فلم كذّبتم الرسل، وكتمتم الحق... ؟

{قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٤)}

الشرح: {إِنْ كانَتْ لَكُمُ..}. قال القرطبيّ-رحمه الله تعالى-: لمّا ادعت اليهود دعاوى باطلة، حكاها الله-عزّ وجلّ-عنهم في كتابه، كقوله تعالى: {وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ إِلاّ أَيّاماً مَعْدُودَةً} وقوله: {وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى،} وقالوا: {نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبّاؤُهُ} كذّبهم الله؛ عزّ وجلّ، وألزمهم الحجّة، فقال: قل يا محمد: {قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النّاسِ} يعني: الجنّة؛ {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>