للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَاخْلَعْ:} الفاء: حرف عطف على رأي: من يجيز عطف الإنشاء على الخبر، وابن هشام يعتبرها للسببية المحضة، وأعتبرها الفاء الفصيحة، (اخلع): أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت»، {نَعْلَيْكَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة، والكاف في محل جر بالإضافة، وجملة: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ذلك واقعا فاخلع... إلخ والكلام كله يقال فيه ما قيل فيما قبله. {إِنَّكَ:}

حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {بِالْوادِ:} متعلقان بمحذوف خبر (إنّ). وعلامة الجر كسرة مقدرة على الياء. {الْمُقَدَّسِ:} صفة الوادي. {طُوىً:} بدل من الوادي، والجملة الاسمية: {إِنَّكَ..}. إلخ تعليل للأمر، لا محل لها.

{وَأَنَا اِخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (١٤)}

الشرح: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ} أي: اصطفيتك برسالاتي، وبكلامي، وقرئ: «(وأنّا اخترناك)».

{فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى:} فيه نهاية الهيبة، والجلال له، فكأنه قال له: لقد جاءك أمر عظيم، فتأهب له. قيل: لما قيل له ذلك؛ وقف على حجر، واستند إلى حجر ووضع يمينه على شماله، وألقى ذقنه على صدره، ووقف يستمع، وكان لباسه صوفا.

قال القرطبي: حسن الاستماع كما يجب قد مدح الله عليه، فقال: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ} وذمّ على خلاف هذا الوصف، فقال: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ..}. إلخ، فمدح المنصت لاستماع كلامه مع حضور العقل، وأمر عباده بذلك أدبا لهم، فقال: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} لأنه بذلك ينال الفهم عن الله تعالى.

قال وهب بن منبه: من أدب الاستماع: سكون الجوارح، وغض البصر، والإصغاء بالسمع، وحضور العقل، والعزم على العمل، وذلك هو الاستماع كما يحب الله تعالى، وهو أن يكف العبد جوارحه، ولا يشغلها بشيء.

{إِنَّنِي أَنَا اللهُ} ... {لِذِكْرِي:} لقد اختلف في تأويل قوله: {لِذِكْرِي} فقيل: يحتمل أن يريد لتذكرني فيها، أو يريد: لأذكرك بالمدح في عليين بها. وقيل: المراد: إذا نسيت الصلاة، ثم تذكرت، فصل، فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من نسي صلاة فليصلّ إذا ذكرها، لا كفّارة لها إلاّ ذلك». متفق عليه. وقيل: المعنى: لإخلاص ذكري، وطلب وجهي، ولا ترائي فيها، ولا تطلب بها غرضا آخر.

الإعراب: {وَأَنَا:} الواو: حرف استئناف. (أنا): ضمير منفصل مبني على السكون في محلّ رفع مبتدأ. {اِخْتَرْتُكَ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة

<<  <  ج: ص:  >  >>