للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط، والفاعل مستتر، تقديره: «هو»، يعود إلى (من). {فَإِنَّما:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إنما): كافة، ومكفوفة. {يَتَزَكّى:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل مستتر يعود إلى (من) أيضا. {لِنَفْسِهِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، كما رأيت في الآية رقم [١٠] وإن اعتبرت (من) موصولة؛ فالإعراب ظاهر، وقد مر معنا كثير مثله، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {وَإِلَى:} الواو: حرف استئناف. {(إِلَى اللهِ)}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {الْمَصِيرُ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

{وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ (٢٠) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (٢١)}

الشرح: {وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ} أي: الجاهل، والعالم، والكافر، والمؤمن. فهذا مثل ضربه الله لهما. أي: فكما لا يتساوى الأعمى مع البصير، فكذلك لا يتساوى المؤمن المستنير بنور القرآن، والكافر الذي يتخبط في الظلام. ففي الكلام استعارة تصريحية حيث شبه الله الكافر بالأعمى، والمؤمن بالبصير، بجامع ظلام الطريق، وعدم الاهتداء على الكافر، ووضوح الرؤية، والاهتداء للمؤمن، ثم استعار المشبه به، وهو {الْأَعْمى} للكافر، واستعار (البصير) للمؤمن بطريق الاستعارة التصريحية. {وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ} أي: لا يستويان.

والمراد ب‍: {الظُّلُماتُ:} الكفر، والباطل، والجهل. والمراد ب‍: {النُّورُ:} الإيمان، والحق، والعلم. ففي الكلام استعارة مثل سابقه. وجمع الظلمات؛ لأن طرق الكفر، والباطل، والجهل متعددة، وأفرد النور؛ لأن الإيمان، والحق، والعلم واحد، لا يتعدد.

{وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ} أي: لا يستويان أيضا. والمراد ب‍: {الظِّلُّ} ظل الجنة ونعيمها الدائم، والمراد ب‍: {الْحَرُورُ} حر نار جهنم؛ أي: فكما لا يستوي في الدنيا الظل المنعش للأرواح، والأجسام مع الحر الشديد المسمى أحيانا بالسموم لشدته؛ لا تستوي نار جهنم مع الجنة. وبالمناسبة خذ ما يلي:

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «قالت النار: ربّ أكل بعضي بعضا فائذن لي أتنفّس، فأذن لها بنفسين: نفس في الشّتاء، ونفس في الصيف، فما وجدتم من برد، أو زمهرير؛ فمن نفس جهنّم، وما وجدتم من حرّ، أو حرور؛ فمن نفس جهنّم». أخرجه مسلم، لذا يسن في حق المسلم أن يقول في يوم الحر: لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم، اللهم أجرني من حرّ نار جهنم! وفي يوم البرد أن يقول: لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم، اللهم أجرني من زمهرير جهنم!

<<  <  ج: ص:  >  >>