للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان مسلما، قال البيضاوي: وفيه دليل على أن كل ذنب فلله أن يغفره حتى الشرك، إلا أن الوعد فرق بينه وبين غيره، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه، وانظر ما قاله الرسول صلّى الله عليه وسلّم في حق أبي بكر-رضي الله عنه-في سورة (الأنفال) الآية [٦٧].

الإعراب: {رَبِّ:} انظر الآية السابقة. {إِنَّهُنَّ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها، والنون حرف دال على جماعة الإناث. {أَضْلَلْنَ:} فعل وفاعل. {كَثِيراً:} مفعول به. {مِنَ النّاسِ:}

متعلقان ب‍: {كَثِيراً،} أو بمحذوف صفة له، وجملة: {أَضْلَلْنَ..}. إلخ في محل رفع خبر (إن).

{فَمَنْ:} الفاء: حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

{تَبِعَنِي:} ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والفاعل مستتر تقديره: «هو» يعود إلى (من). {فَإِنَّهُ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط.

(إنه): حرف مشبه بالفعل، والهاء في محل نصب اسمها. {مِنِّي:} متعلقان بمحذوف خبر (إن)، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، فقيل: هو جملة الشرط. وقيل:

جملة الجواب. وقيل: الجملتان، وهو المرجح لدى المعاصرين، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، وما بعدها معطوف عليها، والإعراب ظاهر إن شاء الله تعالى، والآية بكاملها من مقول إبراهيم عليه الصلاة والسّلام. تأمل، وتدبر، وربك أعلم.

{رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَاُرْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧)}

الشرح: {رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} أي: بعض ذريتي، وهو إسماعيل عليه السّلام.

{بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ:} يعني وادي مكة؛ فإنها حجرية لا تنبت. {عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ:} الذي حرمت التعرض له بأذى، والتهاون بشأنه، أو لم يزل ممنعا تهابه الجبابرة، أو منع منه الطوفان فلم يستو عليه، ولذلك سمي: عتيقا. {رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ} أي: أسكنتهم بذلك الوادي ليعبدوك بإقامة الصلاة وغيرها من العبادة، وأفرد الصلاة بالذكر تنويها بشأنها، وتعظيما لقدرها، ومكانتها، ولذا طلب من الله تعالى أن يوفقهم لإقامتها.

{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ} أي: فاجعل أفئدة من أفئدة الناس، ولو قال: أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم والترك والهند، واليهود والنصارى، ولكن قال: من الناس، فهم المسلمون، قاله ابن عباس، ومجاهد. {تَهْوِي إِلَيْهِمْ} أي: تحن، وتشتاق إليهم، ولزيارة البيت، ففيه دعاء للمؤمنين بأن يرزقهم الله حج البيت، ودعاء لسكان مكة من ذرية إبراهيم بأنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>