فلما أصبحت أرسلت إلى وزرائه، وأحضرتهم، وقرعتهم، وقالت لهم: أما كان منكم من يأنف لكريمته، أو كرائم عشيرته، ثم أرتهم إياه قتيلا، وقالت: اختاروا رجلا تملكونه عليكم، فقالوا: لا نرضى غيرك، فملكوها، وعلموا: أن ذلك النكاح كان مكرا وخديعة منها. انتهى.
خازن. أقول: ومثل هذه القصة قصة الزّبّاء ملكة تدمر مع جذيمة الأبرش.
فعن أبي بكر-رضي الله عنه-: قال: لما بلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى، قال: «لن يفلح قوم ملّكوا عليهم امرأة». أخرجه البخاري. وفي رواية أخرى: «ولّوا أمرهم امرأة» {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} أي: تحتاجه الملوك من رجال، وسلاح، ومال، وعدة. والمراد بالكية: الكثرة، لا الكلية الحقيقية، كما هو واقع الحياة الدنيا، {وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ:} عظمه بالنسبة إليها، أو إلى عروش أمثالها، والعرش: هو الكرسي الذي يجلس عليه الملك.
قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كان طول عرشها ثمانين ذراعا، وعرضه أربعين ذراعا، وارتفاعه في السماء ثلاثين، مكلل بالدر، والياقوت الأحمر، والزبرجد الأخضر. وقال قتادة:
وقوائمه لؤلؤ، وجواهر، وكان مستّرا بالديباج، والحرير، عليه سبعة مغاليق، أي سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب: {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم ضمير متصل في محل نصب اسمها، {وَجَدْتُ:} فعل، وفاعل. {اِمْرَأَةً:} مفعول به. {تَمْلِكُهُمْ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {اِمْرَأَةً} تقديره: «هي»، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب صفة (امرأة)، على تفسير {وَجَدْتُ} ب: لقيت، أو هي في محل نصب مفعول به ثان، وجملة: {وَجَدْتُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنِّي..}. إلخ مفسرة للنبأ.
{وَأُوتِيَتْ:} الواو: واو الحال، (أوتيت): فعل ماض مبني للمجهول، والتاء للتأنيث، ونائب الفاعل يعود إلى {اِمْرَأَةً،} والجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل: {تَمْلِكُهُمْ،} والرابط: الواو، والضمير. وأجيز عطفها على ما قبلها بتأويل المضارع بالماضي. {مِنْ كُلِّ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و {كُلِّ} مضاف، و {شَيْءٍ} مضاف إليه.
{وَلَها:} الواو: واو الحال، (لها): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {عَرْشٌ:} مبتدأ مؤخر، {عَظِيمٌ:} صفة له، والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير: {اِمْرَأَةً} في الفعلين السابقين، والرابط: الواو، والضمير.
{وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (٢٤)}
الشرح: {وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ:} وذلك: أنهم كانوا كفرة، يعبدون الشمس. قيل: كانوا مجوسا يعبدون الأنوار. {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ} أي: الخبيثة من