للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَلا:} الفاء: حرف استئناف مفيد للاعتراض. (لا): نافية للجنس تعمل عمل: «إنّ».

{فَوْتَ:} اسم (لا) مبني على الفتح في محل نصب، والخبر محذوف، تقديره: لهم، وحذفه هنا واجب عند بني تميم، وعند الطائيين، وجائز عند الحجازيين. قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته: [الرجز] وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر... إذا المراد مع سقوطه ظهر

والجملة الاسمية: «فلا فوت لهم» المقدرة معترضة بين الجملتين المتعاطفتين. {وَأُخِذُوا:}

الواو: حرف عطف. (أخذوا): ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق.

{مِنْ مَكانٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {قَرِيبٍ:} صفة: {مَكانٍ،} وجملة: {وَأُخِذُوا..}. إلخ معطوفة على جملة: {فَزِعُوا} فهي في محل جر مثلها.

{وَقالُوا آمَنّا بِهِ وَأَنّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢)}

الشرح: {وَقالُوا} أي: الكفار حين يؤخذون من مكان قريب، ويعاينون العذاب، والانتقام، والسخط، وغضب الواحد القهار. {آمَنّا بِهِ} أي: بالقرآن، أو بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، وذلك لمرور ذكره في قوله تعالى: {ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ}. {وَأَنّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ} أي:

من أين لهم تناول الإيمان في الآخرة، وقد كفروا به في حال الدنيا. قال ابن عباس، والضحاك: التناوش: الرجعة؛ أي: يطلبون الرجعة إلى الدنيا؛ ليؤمنوا، وهيهات ذلك! ومنه قول الشاعر: [الوافر] تمنّى أن تئوب إليّ ميّ... وليس إلى تناوشها سبيل

وقيل: التناوش: التناول. قال ابن السكيت: يقال للرجل إذا تناول رجلا ليأخذ برأسه، ولحيته: ناشه، ينوشه، نوشا، وأنشد قول ابن حريث: [الرجز] فهي تنوش الحوض نوشا من علا... نوشا به تقطع أجواز الفلا

أي: تناول ماء الحوض من فوق، وتشرب شربا كثيرا، وتقطع بذلك الشرب فلوات، فلا تحتاج إلى ماء آخر، فهو يصف إبلا. وقال عنترة في معلقته رقم [٥١]: [الكامل] فتركته جزر السّباع ينشنه... ما بين قلّة رأسه والمعصم

وقرئ: «(وأنّى لهم التّناؤش)» بالهمز، فهو من نأشت: إذا تأخرت، وقد نأشت الأمر، أناشه، نأشا: أخرته، ويقال: فعله نئيشا؛ أي: أخيرا. قال الشاعر: [الطويل] تمنّى نئيشا أنّ يكون أطاعني... وقد حدثت بعد الأمور أمور

<<  <  ج: ص:  >  >>