الشرح:{أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا} المراد بالشركاء: الشياطين؛ الذين زينوا لهم الكفر وإنكار البعث، والمعاصي، والمعاندة. أو المراد الأصنام، وأطلق عليها اسم الشركاء لأحد أمرين: أحدهما: أنّ المشركين يشركونها مع الله في العبادة، والتعظيم، والتقديس. وثانيهما:
أنّهم يشركونها في الأموال، والأنعام، والزروع، كما رأيت في سورة (الأنعام) رقم [١٣٨] وما بعدها. وجمع الضمير العائد عليهم بواو الجماعة؛ لأنهم كانوا يخاطبون الأصنام كما يخاطبون الذكور العقلاء، وهذا كثير ومستعمل في القرآن الكريم. وإضافتها إليهم؛ لأنّهم اتخذوها شركاء. وإسناد الشرع إليها؛ لأنّها سبب ضلالتهم، وافتتانهم بما تدينوا به. وقال الشيخ زاده:
وإسناد الشرع إلى الأوثان، وهي جمادات إسناد مجازي: من إسناد الفعل إلى السبب، وسماه دينا للمشاكلة، والتهكم.
وعلى القول الأول؛ فالشياطين هم الذين شرعوا لهم ما حرموا عليهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وتحليل أكل الميتة، والدم والقمار إلى نحو ذلك من الضلالات، والجهالات الباطلة. {وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} أي: لولا أن الله حكم، وقضى في سابق أزله: أنّ الثواب، والعقاب إنّما يكونان يوم القيامة؛ لحكم بين الكفار، والمؤمنين بتعجيل العقوبة للظالم، وإثابة المؤمن المطيع. {وَإِنَّ الظّالِمِينَ:} الذين ظلموا أنفسهم بالكفر، وارتكاب المعاصي، وجرهم ذلك على ظلم غيرهم. {لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} أي: موجع في الآخرة، دائم غير منقطع.
هذا؛ و {عَذابٌ} اسم مصدر لا مصدر؛ لأنّ المصدر: تعذيب؛ لأنّه من: عذّب، يعذّب بتشديد الذال فيهما. وقيل: هو مصدر على حذف الزوائد، ومثله: عطاء، وسلام، ونبات ل:
أعطى، وسلم، وأنبت.
الإعراب:{أَمْ:} حرف عطف بمعنى: «بل» الانتقالية. وقيل: التقدير: ألهم، فالهمزة للتقرير، والتقريع. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {شُرَكاءُ:} مبتدأ مؤخر. {شَرَعُوا:} ماض، والواو فاعله، والألف للتفريق. {لَهُمْ مِنَ الدِّينِ:} كلاهما متعلقان بالفعل قبلهما. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَأْذَنْ:} فعل مضارع مجزوم ب: {لَمْ}.
{بِهِ:} متعلقان بما قبلهما. {اللهُ:} فاعله، والجملة الفعلية صلة:{ما،} أو صفتها، وجملة:{شَرَعُوا..}. إلخ في محل رفع صفة:{شُرَكاءُ،} والجملة الاسمية: {لَهُمْ شُرَكاءُ..}. إلخ مستأنفة، لا محلّ لها.