للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما هو ظاهر، والمراد بالثاني: آدم، وحواء، وإبليس. وقيل: والحية، والصحيح: أن المراد:

آدم، وحواء، وذريتهما. والمراد بالثالث: آدم، وحواء، أو: آدم، وإبليس. وانظر شرح كل آية في محلها، وينبغي أن تعلم أن سبب طرد إبليس من الجنة، بل من رحمة الله إنما هو حسده لآدم، وتكبره عليه، نعوذ بالله منهما. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {قالَ:} ماض، والفاعل يعود إلى (الله). {فَاهْبِطْ:} الفاء: زائدة، أو هي الفصيحة، (اهبط): أمر، وفاعله مستتر، تقديره: «أنت». {مِنْها:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول على زيادة الفاء، ولا محل لها على اعتبار الفاء الفصيحة؛ إذ التقدير: وإذا كان ذلك حاصلا منك؛ فاهبط، وإذا ومدخولها في محل نصب مقول القول. وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها {فَما} الفاء: حرف تعليل. (ما): نافية. {يَكُونُ:} مضارع ناقص. {لَكَ:}

متعلقان بمحذوف في محل نصب خبر {يَكُونُ} مقدما، والمصدر المؤول من: {أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها} في محل رفع اسمها مؤخرا. {فَاخْرُجْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت»، والمتعلق محذوف، التقدير: منها، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، ومؤكدة لها. {إِنَّكَ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف ضمير متصل في محل نصب اسمها. {مِنَ الصّاغِرِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبرها، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية: {إِنَّكَ..}. إلخ تعليل للهبوط، والخروج، لا محل لها.

{قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (١٥)}

الشرح: {قالَ أَنْظِرْنِي} أي: قال إبليس: أمهلني، فلا تمتني، أو لا تعجل عقوبتي، {إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ:} المراد به يوم القيامة، وهو اليوم الذي يخرج فيه الناس من قبورهم للحساب، والجزاء بعد النفخة الثانية.

{قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} أي: قال الله تعالى لإبليس لمّا سأل الإمهال: {إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} أي: الممهلين المؤخرين، وقد قيد الله هذا الإمهال في سورة (الحجر) بقوله: {إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وهو النفخة الأولى التي يموت بسببها من في السموات، والأرض إلا من شاء الله، فقد كره اللعين أن يذوق مرارة الموت، وطلب البقاء، والخلود إلى النفخة الثانية، وحينئذ لا موت؛ لأن الموت قد تم عند النفخة الأولى، فلم يعط سؤاله، وإنما أجيب طلبه، وهو الإمهال مع أنه إنما طلبه ليفسد أحوال العباد، لما في ذلك من ابتلاء العباد، ولما في مخالفته من عظيم الثواب. انتهى جمل بتصرف.

أقول: وإنما أمهله ليكون سببا في وفاء وعد الله لجهنم: {وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ} إذ لولاه لكان الناس جميعا مهتدين. هذا؛ وقد ذكر الله في سورة (الكهف): أن له ذرية، وذلك ليكون لكل إنسان من بني آدم قرين، وشيطان. انظر ما ذكرته في شرح الاستعاذة، وفي شرح الآية رقم [١١٢] (الأنعام) وانظر «القول» في الآية رقم [٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>