للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً} أي: إن القوة الكاملة، والغلبة الشاملة، والقدرة التامة لله وحده، فهو ناصرك يا محمد على أعدائك، ومعينك ومانعك من الاعتداء عليك، ولا منافاة بين ما هاهنا وبين قوله تعالى: {وَلِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ؛} لأن عزة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وعزة المؤمنين بإعزاز الله إياهم، فثبت بذلك أن العزة لله جميعا، وهو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء، هذا؛ ويقرأ بكسر همزة {إِنَّ} وفتحها، {هُوَ السَّمِيعُ}: لأقوال المشركين سماع انتقام. {الْعَلِيمُ}:

بجميع أفعالهم، فيجازيهم بها ما يستحقون من جزاء، ولا تنس أن في الكلام تعزية وتسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَلا}: الواو: حرف استئناف. (لا): ناهية. {يَحْزُنْكَ}: مضارع مجزوم ب‍ (لا) الناهية، والكاف مفعول به، {قَوْلُهُمْ}: فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {إِنَّ}: حرف مشبه بالفعل. {الْعِزَّةَ}: اسمها.

{لِلّهِ}: متعلقان بمحذوف خبر {إِنَّ،} {جَمِيعاً}: حال من {الْعِزَّةَ،} وهي حال مؤكدة، ويجوز اعتباره توكيدا ل‍ {الْعِزَّةَ،} ولم يؤنث؛ لأن فعيلا يستوي فيه المذكر والمؤنث؛ لشبهه بالمصادر، والجملة الاسمية: {إِنَّ..}. إلخ تعليل للنهي، أو هي مستأنفة لا محل لها، ولا يتوهم متوهم: أن الجملة من مقول المشركين، فيحصل في الكلام تناقض؛ ولذا فالوقف على قولهم واجب، ومثل هذه الآية آية سورة (يس)، هذا؛ وعلى قراءة فتح همزة «(أنّ)» تؤول مع اسمها وخبرها بمصدر في محل جر بحرف تعليل محذوف؛ وعليه فلا يجب الوقف على {قَوْلُهُمْ}.

تأمل، وتدبر. وجملة: {هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} معترضة أو مستأنفة لا محل لها على الاعتبارين.

{أَلا إِنَّ لِلّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ (٦٦)}

الشرح: {أَلا إِنَّ لِلّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} أي: من الملائكة والثقلين، وإذا كان هؤلاء الذين هم أشرف المخلوقات عبيدا لله، لا يصلح أحد منهم للألوهية والربوبية، فما لا يعقل منها أحق أن لا يكون ندا لله ولا شريكا له، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٥]. {وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ} أي: شركاء على الحقيقة، وإن كانوا يسمونها شركاء، بل يظنون: أنها تنفعهم وتشفع لهم، والحقيقة: أنها لا تنفع ولا تشفع. {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ}: وهو ظنهم أن آباءهم كانوا على حق، وأن أصنامهم ستشفع لهم وتنفعهم، أو هم يتبعون جهالتهم وآراءهم الفاسدة، فإن الظن قد يطلق على ما يقابل العلم. {وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ}: يكذبون على الله فيما ينسبونه إليه كاتخاذ الولد، وجعل عبادة الأصنام وصلة إليه، وتحليل الميتة، وتحريم البحائر، والسوائب، وغير ذلك، أو المعنى: أنهم يقدرون أنهم على

<<  <  ج: ص:  >  >>