للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{حَرَجاً} كان صفة له، فلما قدّم عليه؛ صار حالا. وقيل: هما مفعول ثان ل‍ {يَجِدُوا}.

{حَرَجاً:} مفعول به. {مِمّا:} جار ومجرور متعلقان ب‍ {حَرَجاً} أو بمحذوف صفة له، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة. {قَضَيْتَ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: من الذي، أو: من شيء قضيته. وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤوّل مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر ب‍ (من) التقدير: من قضائك.

{وَيُسَلِّمُوا:} معطوف على: {يُحَكِّمُوكَ} منصوب مثله. {تَسْلِيماً:} مفعول مطلق مؤكّد لعامله.

{وَلَوْ أَنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اُقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اُخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (٦٦)}

الشرح: {وَلَوْ أَنّا كَتَبْنا:} حكمنا، أو فرضنا، وأوجبنا. {عَلَيْهِمْ} أي: على المنافقين.

وقيل: يعود الضمير على الجميع، فيدخل فيه المنافق، وغيره. {أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} أي: لو أوجبنا عليهم مثل ما أوجبنا على بني إسرائيل من قتلهم أنفسهم، أو خروجهم من ديارهم حين استتيبوا من عبادة العجل. {أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما:} كما أوجبنا أيضا على بني إسرائيل ذلك.

{ما فَعَلُوهُ إِلاّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ:} ذكرت لك في الآية السّابقة: أنّ ثابت بن قيس بن شماس-رضي الله عنه-قال: أما والله-وإنّ الله ليعلم منّي الصدق-لو أمرني محمّد أن أقتل نفسي؛ لقتلتها.

وروى ابن مسعود، وعمّار بن ياسر، وعمر-رضي الله عنهم-قالوا مثل ثابت، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده إنّ من أمّتي رجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرّواسي». ومن قال: إنّ الضمير يعود إلى المنافقين، قال: المعنى: {ما فَعَلُوهُ إِلاّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ} يعني: رياء، وسمعة. وفيه توبيخ عظيم لهم.

{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ} أي: ولو أنّهم فعلوا ما كلّفوا به من طاعة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، والرّضا بحكمه؛ {لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} أي: في الدنيا، والآخرة، وإنّما سمّي ذلك التكليف: وعظا؛ لأنّ أوامر الله، وتكاليفه مقرونة بالوعد، والوعيد، والثّواب، والعقاب، وما كان كذلك يسمّى:

وعظا. {وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً} يعني: تحقيقا، وتصديقا لإيمانهم. والمعنى: أنّ ذلك أقرب إلى ثبات إيمانهم، وتصديقهم.

وقيل في معنى الآية الكريمة: إنّنا خفّفنا على المنافقين؛ حيث اكتفينا منهم في توبتهم بالرّجوع إلى حكمك، والرّضا، ولم نشدّد عليهم كما شدّدنا على بني إسرائيل في توبتهم من عبادة العجل، حيث أمرناهم بقتل أنفسهم، والخروج من ديارهم، ولو أنّنا فرضنا عليهم ذلك؛ لم يفعله إلا بعضهم، ولو أطاعوا الرّسول، وامتثلوا أوامره؛ لكان أفضل لهم، وأقوى لإيمانهم، وأعظم لثوابهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>