للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كانَ} تقدم عليها، وعلى اسمها. {كانَ} فعل ماض ناقص. {نَكِيرِ:} اسم {كانَ} مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والجملة الفعلية لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة بالفاء، والقسم وجوابه: {وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ} كلام مستأنف، لا محل له.

{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩)}

الشرح: {أَوَلَمْ يَرَوْا} أي: أهل مكة، وغيرهم. {إِلَى الطَّيْرِ:} هو اسم جمع مثل: غنم، وخيل. وقيل: بل هو جمع: طائر، مثل: صحب، وصاحب، ويصح إطلاقه على المفرد، والمثنى، والجمع، وجمع الطير: طيور، وأطيار، مثل: فرخ، وفروخ، وأفراخ. وقال قطرب، وأبو عبيدة: الطير قد يقع أيضا على الواحد، كما في قوله تعالى حكاية عن قول عيسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ} وطائر الإنسان: عمله الذي قلده، قال تعالى: {وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} والطير أيضا اسم من التطير، ومنه قولهم: (لا طير إلاّ طير الله) كما يقال: (لا أمر إلا أمر الله).

{فَوْقَهُمْ صافّاتٍ:} باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها؛ لأنهن إذا بسطنها؛ صففن قوائمهن صفا، والمعنى: كما ذلل الأرض للآدمي؛ ذلل الهواء للطيور.

{وَيَقْبِضْنَ} أي: يضممن أجنحتهن إذا ضربن بهن جنوبهن بعد البسط. قال أبو جعفر النحاس: يقال للطائر إذا بسط جناحيه: صاف، وإذا ضمهما فأصابا جنبه: قابض؛ لأنه يقبضهما. قال أبو خراش: [الطويل]

يبادر جنح اللّيل فهو موائل... يحثّ الجناح بالتّبسّط والقبض

وقيل: ويقبضن أجنحتها بعد بسطها؛ إذا وقفن من الطيران. {ما يُمْسِكُهُنَّ:} ما يمسك الطير حال القبض، والبسط، وهي تطير في الجو إلا الله عز وجل. والمعنى: أن الطير مع ثقلها وضخامة أجسامها لم يكن بقاؤها، وثبوتها في الهواء إلا بإمساك الله عز وجل إياها، وحفظه لها.

هذا؛ و (يقبضن) معطوف على اسم الفاعل: {صافّاتٍ} حملا على المعنى، أي: يصففن، ويقبضن. أو صافات، وقابضات، واختيار هذا التركيب باعتبار: أن أصل الطيران هو صف الأجنحة؛ لأن الطيران في الهواء، كالسباحة في الماء، والهواء للطائر كالماء للسابح، والأصل في السباحة مد الأطراف، وبسطها، وأما القبض فطارئ على البسط، للاستظهار به على التحرك، فجيء بما هو طارئ بلفظ الفعل على معنى أنهن صافات، ويكون منهن القبض تارة، بعد تارة كما يكون من السابح. انتهى. نسفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>