تنبيه: قال ابن عقيل-رحمه الله تعالى-: يجوز أن يعطف الفعل على الاسم المشبه للفعل كاسم الفاعل، ونحوه، ويجوز أيضا عكس هذا، وهو أن يعطف على الفعل الواقع موقع الاسم اسم، فمن الأول قوله تعالى في سورة (العاديات): {فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً}. وجعل منه قوله تعالى في سورة (الحديد) رقم [١٨]: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً} ومن الثاني قول الشاعر: [الطويل]
ف:«مجر» معطوف على جملة «يبير» الواقعة صفة: «يوما»؛ إذ التقدير: فألفيته مبيرا، ومجريا. وقد حذف ياء المنقوص في حالة النصب، كحذفها في حالتي الجر، والرفع، وأيضا قول الشاعر:[الرجز]
بات يعشّيها بعضب باتر... يقصد في أسوقها وجائر
إذ التقدير: بعضب باتر قاصد وجائر. ولم يذكر ابن عقيل الآية التي نحن بصدد شرحها، ويشبهها قوله تعالى في سورة (ص): {إِنّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً} وقول ابن عقيل المتقدم، إنما هو شرح قول ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته:[الرجز]
واعطف على اسم شبه فعل فعلا... وعكسا استعمل تجده سهلا
الإعراب:{أَوَلَمْ:}(الهمزة): حرف استفهام إنكاري توبيخي. (الواو): حرف استئناف، ويقال: عاطفة على محذوف. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَرَوْا:} فعل مضارع مجزوم ب: (لم)، وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {إِلَى الطَّيْرِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به. {فَوْقَهُمْ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من الطير، أو هو متعلق ب:{صافّاتٍ،} و (الهاء) في محل جر بالإضافة. {صافّاتٍ:} حال ثانية من (الطير) منصوب، وعلامة نصبة الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم.
{وَيَقْبِضْنَ:} الواو: حرف عطف. (يقبضن): فعل مضارع مبني على السكون، ونون النسوة فاعله، والمفعول محذوف. والجملة الفعلية في محل نصب معطوفة على {صافّاتٍ،} والكلام:
{أَوَلَمْ يَرَوْا..}. إلخ مستأنف، لا محل له.
{ما:} نافية. {يُمْسِكُهُنَّ:} فعل مضارع مرفوع، و (الهاء) مفعول به، والنون حرف دال على جماعة الإناث. {الرَّحْمنُ:} فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، أو هي في محل نصب حال أخرى من {الطَّيْرِ} أو نون النسوة، فتكون حالا متداخلة. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، و (الهاء) اسمه. {بِكُلِّ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، و (كل) مضاف، و {شَيْءٍ} مضاف إليه. {بَصِيرٌ:} خبر (إن)، والجملة الاسمية تعليلية، أو مستأنفة، لا محل لها.