للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدير مبتدأ محذوف؛ أي: فهو لا يخفف لأجل أن تكون الجملة اسمية، ويصح اقترانها بالفاء؛ لأن المضارعية لا يصح قرنها بها. انتهى. والسبب في ذلك؛ لأنها تصلح لأن تكون جوابا، وإذا كان الشرط جازما، يظهر الجزم على آخر المضارع. تأمل. وجملة: {فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ..}.

إلخ جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام معطوف على ما قبله، أو هو مستأنف، لا محل له. {وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} إعراب هذه الجملة مثل إعراب: {وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} بلا فارق، والجملة الاسمية معطوفة على جواب (إذا) لا محل لها مثله.

{وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ (٨٦)}

الشرح: {وَإِذا رَأَى..}. إلخ: أي: إذا رأى الكافرون المشركون أصنامهم التي عبدوها في الدنيا من دون الله تعالى، وذلك أن الله يبعث تلك الأصنام والمعبودين، فيتبعهم المشركون حتى يوردوهم النار، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: يقول الله تعالى يوم القيامة: «من كان يعبد شيئا فليتّبعه، فيتّبع من كان يعبد القمر القمر، ويتّبع من كان يعبد الطواغيت الطّواغيت».

خرجه مسلم. وفي رواية أخرى للترمذي من حديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «فيمثّل لصاحب الصّليب صليبه، ولصاحب التّصاوير تصاويره، ولصاحب النار ناره، فيتّبعون ما كانوا يعبدون». هذا؛ والتعبير بالماضي عن المستقبل، إنما هو لتحقق وقوعه. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢١] من سورة (إبراهيم) صلّى الله على نبينا، وعليه وسلم. {قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ..}. إلخ: أي: يقول المشركون: هؤلاء آلهتنا الذين كنا نعبدهم ونقدسهم من دونك يا الله. {فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ..}. إلخ أي: رد المعبودون على عابديهم، وأجابوهم بأنكم كاذبون في تسميتنا آلهة، وما دعوناكم إلى عبادتنا، وهو كقوله تعالى في سورة (مريم): {كَلاّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} الآية رقم [٨٣]، وانظر رد الشيطان على أتباعه في الآية رقم [٢٢] من سورة (إبراهيم) على نبينا وعليه ألف صلاة، وأزكى سلام.

تنبيه: الأصنام التي عبدوها جمادات لا تنطق، فلا يبعد أن يبعثها الله تعالى، ويعيدها في الآخرة، ويخلق فيها الحياة، والنطق، والعقل، ويراها الكفار الذين عبدوها. وهي في غاية الذلة، والمهانة، والحقارة. فيزدادون بذلك غما، وحسرة، وندامة، والله على كل شيء قدير.

هذا؛ وأطلق الله على الأصنام اسم الشركاء لأمرين: أحدهما: أن المشركين يشركونها مع الله في العبادة، والتعظيم، والتقديس، وثانيهما: أنهم يشركونها معهم في الأموال، والأنعام، والزروع، انظر الآية رقم [١٣٨] من سورة (الأنعام) وما بعدها.

الإعراب: {وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ} انظر الآية السابقة. {قالُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {رَبَّنا:} منادى حذف منه أداة النداء، و (نا): في محل جر بالإضافة من

<<  <  ج: ص:  >  >>