نبيه صلّى الله عليه وسلّم من شرائع وأحكام، وتبيين الحلال والحرام، والسبب في ذلك هو بعدهم عن مجالس أهل العلم. {عَلِيمٌ}: بحال كل واحد من أهل الحضر والبادية. {حَكِيمٌ}: يضع الأمور مواضعها، فيعاقب المسيء من أهل الحضر والمدر، ويثيب المحسن منهما، وانظر النفاق في الآية رقم [٦٤].
تنبيه: وجود الكفر والنفاق عند سكان البادية بسبب بعدهم عن الوعظ والإرشاد، ومجالس أهل العلم، لا ينفي أن يوجد في الحضر من هو أفسق وأفسد منهم، والسبب هو بعدهم عن العلم وأهله، فقد رأينا من بلغ من العمر الستين والسبعين، وهو لا يحسن الوضوء، ولا يعرف شيئا من مبطلات الصلاة وغير ذلك، ومتجره على باب مسجد من المساجد، وذلك بسبب انصرافه إلى الدنيا وجمع حطامها الفاني حتى جعلته حمارا يسعى في مصالحها، ويجهل معرفة ما هو من ضروريات دينه، كما رأينا كثيرا من الأعراب قد سكنوا المدن وتوالدوا فيها، فزادوا كفرا ونفاقا على من لا يزال مقيما في البادية، وأضيف: أن الوعظ والإرشاد في هذه الأيام موجود، بل ومنتشر في كل مكان في البادية وغيرها، وذلك بواسطة الإذاعات الإسلامية التي يوجد فيها، ومن تتبع ذلك من إذاعة إلى إذاعة لا يكون بعيدا عن الوعظ والإرشاد، بل هو موجود في بيته أينما حل، وأينما ارتحل، ويمكنني أن أقول، إن الأثير في هذه الأيام إنما هو في خدمة الإسلام، ونشر تعاليمه، ولم تستفد ديانة من الديانات من الأثير ما استفاده الإسلام، فكيف إذا وجهت الإذاعات توجيها قويما، ونشرت سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وسيرة صحابته، والتابعين لهم بإحسان؟
الإعراب:{الْأَعْرابُ}: مبتدأ. {أَشَدُّ}: خبره، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها.
{كُفْراً}: تمييز. {وَنِفاقاً}: معطوف على ما قبله. {وَأَجْدَرُ}: معطوف على أشد {أَلاّ}:
(أن): حرف ناصب. (لا): نافية. {يَعْلَمُوا}: مضارع منصوب ب «أن»، وعلامة نصبه حذف النون... إلخ. والواو فاعله، والألف للتفريق. {حُدُودَ}: مفعول به، واكتفى بمفعول واحد؛ لأن الفعل هنا من المعرفة، و {حُدُودَ}: مضاف، و {ما} مبنية على السكون في محل جر بالإضافة، وهي تحتمل الموصولة، والموصوفة، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد أو الرابط: محذوف، تقدير الكلام: حدود الذي أو الشيء أنزله الله على رسوله. والجملة الاسمية:{وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}: مستأنفة لا محل لها. وانظر الشرح لتأويل المصدر وتعليقه.
الشرح:{وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ}: يعد ويحسبه. {ما يُنْفِقُ مَغْرَماً}: ما يصرفه في سبيل الله، ويتصدق به غرامة وخسرانا؛ لأنه لا يحتسبه عند الله، ولا يرجو عليه ثوابا، وإنما ينفقه رياء وتقية من غضب المسلمين. {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ}: ينتظر ويترقب، والتربص والانتظار