للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٦٨)}

الشرح: نزلت الآية الكريمة في عبد الله بن أبيّ المنافق، وأصحابه. وفي المراد ب‍ (إخوانهم) قولان: أحدهما: أنّ المراد ب‍ (إخوانهم): الذين استشهدوا بأحد، فيكون (إخوانهم) في النسب لا في الدين. والقول الثاني: أن المراد ب‍ (إخوانهم): المنافقون. فعلى القول الأول يكون معنى الآية: الذين قالوا في إخوانهم، أو عن إخوانهم الذين قتلوا بأحد: لو أطاعونا ما قتلوا. وعلى القول الثاني يكون معنى الآية: الذين قالوا: وهم ابن أبيّ، وأصحابه لإخوانهم في النفاق.

{وَقَعَدُوا} أي: قالوا هذا القول، وقعدوا بأنفسهم عن القتال. {قُلْ:} خطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم.

{فَادْرَؤُا:} فادفعوا، والدرء: الدفع. قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «ادفعوا الحدود بالشّبهات». {عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ:} إن كنتم صادقين بقولكم: {لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا؛} فادفعوا الموت عن أنفسكم، يعني: أن الحذر لا ينفع من القدر. وفي الآية دليل على أنّ المقتول يموت بأجله، خلافا لمن يزعم من المعتزلة، وغيرهم: أن القتل يقطع على المقتول أجله، روي: أنّه مات يوم قالوا هذه المقالة سبعون منافقا. قال أبو الليث السّمرقندي: سمعت بعض المفسّرين بسمرقند يقول: لمّا نزلت الآية؛ مات سبعون نفسا من المنافقين. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هم الذين، ويجوز أن يكون في محل رفع بدلا من الواو في: {يَكْتُمُونَ،} وأن يكون في محل رفع مبتدأ خبره: {قُلْ فَادْرَؤُا} وهذا ضعيف جدّا، ويجوز أن يكون في محل نصب على الذم بفعل محذوف، ويجوز أن يكون في محل جرّ بدلا من الضمير المجرور محلاّ بالإضافة في قوله: {بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} ومثله قول الفرزدق: [الطويل]

على حالة لو أنّ في القوم حاتما... على جوده لضنّ بالماء حاتم

{قالُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {لِإِخْوانِهِمْ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {وَقَعَدُوا:} الواو: واو الحال. ({قَعَدُوا}): ماض وفاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير، وهي على تقدير «قد» قبلها. وقيل: معطوفة على جملة الصلة.

{لَوْ:} حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {أَطاعُونا:} فعل وفاعل ومفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها... إلخ. {ما:} نافية. {قُتِلُوا:} فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والجملة الفعلية جواب: {لَوْ} لا محلّ لها، و {لَوْ} ومدخولها في محل نصب مقول القول.

{عَنْ أَنْفُسِكُمُ:} متعلقان بما قبلهما، والكاف في محل جر بالإضافة. {الْمَوْتَ} مفعول به.

<<  <  ج: ص:  >  >>