{لَكُمْ} في محل رفع نائب فاعل. والمعتمد الأول، وأيده ابن هشام في المغني، حيث قال: إن الجملة التي يراد بها لفظها بحكم المفردات، ولهذا تقع مبتدأ، نحو:(لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة) ونحو: (زعموا مطيّة الكذب). وجملة:{قِيلَ..}. إلخ في محل جر بإضافة {إِذا} إليها. {فَافْسَحُوا:}(الفاء): واقعة في جواب {إِذا}. (افسحوا): فعل أمر، وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب {إِذا} لا محل لها، و {إِذا} ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له كالجملة الندائية قبله. {يَفْسَحِ:} فعل مضارع مجزوم بجواب الأمر، الواقع جوابا للشرط، وجزمه عند الجمهور بشرط محذوف، التقدير: إن تفسحوا؛ يفسح الله لكم، و {اللهُ} فاعله، و {لَكُمْ} جار ومجرور متعلقان به.
{وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ:} إعراب هذا الكلام مثل إعراب سابقه بلا فارق، وقد حذف متعلق انشزوا لدلالة ما قبله عليه. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به، وجملة:{آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {مِنْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة، و (من) بيان لما أبهم في الموصول. {وَالَّذِينَ:} معطوف على ما قبله فهو في محل نصب مثله. وقيل منصوب بفعل مضمر، تقديره: يخص الذين. ولا وجه له. {أُوتُوا:} فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأول.
{الْعِلْمَ:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {دَرَجاتٍ:} مفعول يرفع منصوب فهو مفعول ثان. {قِيلَ:} هو ظرف منصوب بنزع الخافض، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، وجملة:{يَرْفَعِ..}. إلخ لا محل لها مثل جملة:{يَفْسَحِ..}. إلخ لأنهما جملتان واقعتان في محل جزم للشرط المقدر ب:«إن». {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} انظر إعراب مثلها في الاية رقم [٣]. و (إذا) ومدخولها كلام معطوف على ما قبله لا محل له مثله.
الشرح:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الاية السابقة. {إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ} أي: أردتم مناجاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، انظر الاية رقم [٩]. {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً} أي: أعطوا الفقراء والمساكين صدقة قبل محادثتكم النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومناجاتكم له. فقد استعير اليدان لمعنى قبل، كما استعيرا في كثير من الايات لمعنى: أمام، وقدام. ومعنى الاية: أن الله أمر عباده المؤمنين إذا أراد أحدهم أن يناجي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ أي: يسارّه فيما بينه وبينه أن يقدم قبل ذلك صدقة تطهره، وتزكيه وتؤهله؛ لأن يصلح لهذا المقام، ولهذا قال:{ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ:}{فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا} أي: الصدقة لفقركم، وعجزكم. {فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ:} هذا تسامح مع الفقراء الذين لا يجدون المال ليقدموه قبل مناجاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وفائدة