عليه الذي، أو: شيء حمله، والجملة الاسمية هذه في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، والجملة بعدها معطوفة عليها، وإعرابها مثلها بلا فارق، و (إن) ومدخولها كلام مفرع عما قبله، ومستأنف لا محل له، {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا:} هذه الجملة معطوفة على ما قبلها، وإعرابها واضح إن شاء الله تعالى.
الشرح: الخطاب في هذه الآية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولأصحابه، و {مِنْكُمْ} للبيان والتخصيص كالتي في آخر سورة (الفتح)، وعدهم الله أن ينصر الإسلام على الكفر، ويورثهم الأرض، ويجعلهم فيها خلفاء، كما فعل ببني إسرائيل؛ حين أورثهم أرض مصر، والشام بعد إهلاك الجبابرة، وأن يمكن الدين المرتضى، وهو دين الإسلام، وتمكينه: تثبيته، وتوطيده، وأن يؤمن سربهم، ويزيل عنهم الخوف الذي كانوا عليه، وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه مكثوا بمكة عشر سنين خائفين، أي بعد السر بالدعوة ثلاث سنين، ولما هاجروا إلى المدينة كانوا يصبحون في السلاح ويمسون فيه، حتى قال رجل: أما يأتي علينا يوم نأمن فيه، ونضع السلاح؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم:
«لا تلبثون إلا يسيرا؛ حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا، ليس عليه حديدة».
فأنجز الله وعده، وأظهرهم على جزيرة العرب، وافتتحوا بعدها بلاد المشرق، والمغرب، ومزقوا ملك الأكاسرة، وملكوا خزائنهم، واستولوا على الدنيا، قال الضحاك في كتاب النقاش:
هذه الآية تتضمّن صحة خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي-رضي الله عنهم-؛ لأنهم أهل الإيمان، وعملوا الصالحات؛ وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثمّ تكون ملكا». رواه سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وفي رواية:«ثم تكون ملكا عضوضا». أي جائرا، وإلى هذا القول ذهب ابن العربي في أحكامه، واختاره، وقال: قال علماؤنا هذا الآية دليل على خلافة الخلفاء الأربعة-رضي الله عنهم-، وأن الله تعالى استخلفهم، ورضي أمانتهم، وكانوا على الدين الذي ارتضى لهم؛ لأنهم لم يتقدمهم أحد في الفضيلة إلى يومنا هذا، فاستقر الأمر