للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ والثابت: أن الشمس إذا غربت في ناحية من الأرض؛ تشرق على ناحية أخرى، مما يدل على أنها لا تقف أبدا، ويؤيد هذا القول ما قاله الفقهاء في باب مواقيت الصلاة من أن الأوقات الخمسة تختلف باختلاف الجهات، والنواحي، فقد يكون المغرب عندنا عصرا عند آخرين، ويكون الظهر عندنا صبحا عند آخرين، وهكذا. انتهى. جمل.

الإعراب: {وَالشَّمْسُ:} يجوز أن يكون معطوفا على ما قبله، فيكون التقدير: وآية لهم الشمس، وعليه فالإعراب مثله في الآية رقم [٣٣]. ويجوز أن يكون (الشمس) مرفوعا بفعل محذوف يفسره الثاني. ويجوز أن يكون مرفوعا بالابتداء، والجملة الفعلية بعده خبره، التقدير: والشمس جارية.

اعتبارات ذكرها القرطبي، والثاني ضعيف معنى، تأمل. {لِمُسْتَقَرٍّ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {لَها:} جار ومجرور متعلقان ب‍: (مستقر)، أو بمحذوف صفة له. {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {تَقْدِيرُ:}

خبر المبتدأ. وهو مضاف، و {الْعَزِيزِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. {الْعَلِيمِ:} بدل مما قبله، والجملة الاسمية: {ذلِكَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩)}

الشرح: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ..}. إلخ: أي: قدرنا له منازل، أو: قدرنا مسيره في منازل، مثل قوله تعالى في سورة (المطففين): {وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} فإن الأصل: كالوا لهم، أو وزنوا لهم. والمنازل ثمانية وعشرون منزلا، ينزل كل ليلة في منزل منها، لا يتعداه يسير فيها من ليلة المستهل إلى الثامنة والعشرين، ثم يستتر ليلتين، أو ليلة إذا نقص، فإذا كان في آخر منازله رقّ، وتقوّس، كما قال تعالى: {حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} وهو العود الذي عليه شماريخ العذق إلى منبته من النخلة، و {الْقَدِيمِ} الذي أتى عليه الحول، فإذا قدم؛ عتق، ويبس، وتقوّس، واصفر، فشبه به القمر عند انتهائه إلى آخر منازله، فوجه الشبه فيه مركب، وهو الاصفرار، والدقة، والاعوجاج. وهذا التشبيه يسمى مجملا، فقد أجمل وجه الشبه في العرجون القديم.

والعرجون القديم غصن النخل اليابس، وهذا اللفظ لم يذكر في غير هذه السورة.

قال ابن كثير: جعل الله القمر لمعرفة الشهور، كما جعل الشمس لمعرفة الليل والنهار، وفاوت بين سير الشمس، وسير القمر، فالشمس تطلع كل يوم، وتغرب في آخره، وتنتقل في مطالعها، ومغاربها صيفا وشتاء، يطول بسبب ذلك النهار، ويقصر الليل، ثم يطول الليل، ويقصر النهار، وهو كوكب نهاري: {يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ}. {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ،} وأما القمر فقدره منازل يطلع في أول ليلة من الشهر ضئيلا قليل النور، ثم يزداد نورا في الليلة الثانية، ويرتفع منزلة، ثم كلما ارتفع؛ ازداد نوره، وضياؤه؛ حتى يتكامل

<<  <  ج: ص:  >  >>