للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة القدر]

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة (القدر) قيل: إنها مكية، وقيل: مدنية، وهو الأصح، وعليه الأكثرون. وقيل: إنها أول ما نزل بالمدينة. وهي خمس آيات، وثلاثون كلمة، ومئة واثنا عشر حرفا.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢)}

الشرح: {إِنّا أَنْزَلْناهُ:} يعني القرآن، وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة؛ لأن المعنى معلوم. والقرآن كله كالسورة الواحدة، وقد قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٨٥]: {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} وقال تعالى في سورة (الدخان): {حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ} يريد: في ليلة القدر، وذلك: أن الله تعالى أنزل القرآن العظيم جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر. فوضعه في بيت العزة، ثم نزل به جبريل-عليه السّلام-على النبي صلّى الله عليه وسلّم نجوما متفرقة في ثلاث وعشرين سنة، فكان ينزل بحسب الوقائع، ومقتضيات الأحوال. وقيل: إنما أنزله إلى السماء الدنيا لشرف الملائكة بذلك؛ ولأنها كالمشترك بيننا، وبين الملائكة، فهي لهم سكن، ولنا سقف، وزينة.

هذا؛ ومعلوم: أن الإنزال مستعار للمعاني من الأجرام، شبه نقل القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وثبوته فيها بنزول جسم من علو إلى أسفل، فعلى هذا هو مجاز مرسل.

انتهى. نقلا عن كرخي.

هذا؛ وذكر أبو بكر بن الأنباري في كتاب الرد: أن الله تعالى أنزل القرآن جملة إلى السماء الدنيا، ثم فرقه على النبي صلّى الله عليه وسلّم في ثلاث وعشرين سنة، فكانت السورة تنزل في أمر يحدث، والآية تنزل جوابا لمستخبر يسأل، ويوقف جبريل النبي صلّى الله عليه وسلّم على موضع السورة، والآية، فانتظام السّور كانتظام الآيات، والحروف، فكله عن رسول الله خاتم النبيين-عليهم الصلاة والسّلام- عن رب العالمين، فمن أخر سورة مقدمة، أو قدّم أخرى مؤخرة كمن أفسد نظم الآيات، وغير الحروف، والكلمات، ولا حجة على أهل الحق في تقديم سورة (البقرة) على (الأنعام)، و (الأنعام) نزلت قبل سورة (البقرة)؛ لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخذ عنه هذا الترتيب، وهو كان يقول:

«ضعوا هذه السورة موضع كذا، وكذا من القرآن». وكان جبريل عليه السّلام يوقفه على مكان الآيات. انتهى. جمل. أقول: وتسمية السورة أيضا توقيفي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>