للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لِيَبْتَلِيَكُمْ:} فعل مضارع منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى (الله) والكاف مفعول به، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلّقان بما قبلهما، أي: صرفكم عنهم؛ لابتلائكم، واختباركم. {عَنْهُمْ:}

جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ:} انظر أول الآية. {وَاللهُ:} الواو:

حرف استئناف. (الله): مبتدأ {ذُو:} خبره مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة لأنّه من الأسماء الخمسة، و {ذُو} مضاف، و {فَضْلٍ} مضاف إليه. {عَلَى الْمُؤْمِنِينَ:} متعلقان ب‍ (فضل) أو بمحذوف صفة له، والجملة الاسمية: {وَاللهُ ذُو..}. إلخ: مستأنفة، أو معترضة في آخر الكلام، الغرض منها بيان فضل الله، وجوده على عباده المؤمنين.

{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٥٣)}

الشرح: {إِذْ تُصْعِدُونَ:} تذهبون. والإصعاد: الذهاب في الأرض. قال القتبي، والمبرد: أصعد: أبعد في الذهاب، وأبعد فيه، فكأنّ الإصعاد: إبعاد في الأرض كإبعاد الارتفاع. قال الأعشى من قصيدته الّتي هيأها لينشدها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في المدينة بعد الهجرة، وقبل فتح مكة: [الطويل]

ألا أيّهذا السّائلي أين أصعدت... فإنّ لها في بطن يثرب موعدا

وقال الفرّاء: الإصعاد: الابتداء في السّفر. والانحدار: الرجوع منه. وأنشد أبو عبيدة: [الرجز]

قد كنت تبكين على الإصعاد... فاليوم سرّحت وصاح الحادي

{وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ:} تعرّجون، وتقيمون؛ أي: لا يلتفت بعضكم إلى بعض هربا، ولا يقف واحد منكم لآخر. وانظر الآية [٧٨]: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ:} يناديكم من ورائكم. يقول: «إليّ عباد الله! إليّ عباد الله! من يكرّ؛ فله الجنة». {فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} أي: فجزاكم غمّا على غمّ. قال ابن عبّاس-رضي الله عنهما-: الغمّ الأول بسبب الهزيمة، وحين قيل: قتل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. والثاني حين علاهم المشركون فوق الجبل، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ ليس لهم أن يعلونا!». وقال السّدي-رحمه الله تعالى-: الغمّ الأول بسبب ما فاتهم من الغنيمة، والنصر. والثاني: بإشراف العدوّ عليهم. وقال محمّد بن إسحاق-رحمه الله تعالى-: أي: كربا بعد كرب بقتل من قتل من إخوانكم، وعلوّ عدوّكم عليكم، وما وقع في أنفسكم من قتل بينكم، فكان ذلك متتابعا عليكم غمّا بغمّ. وقيل غير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>