للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: يطعن المستشرقون، والملحدون من أبناء المسلمين في الإسلام، وينعتونه بالقسوة، وبأنه عمل على تكديس الرق، وتكريسه، ويستدلون على ذلك بما كان عند الخلفاء، والأثرياء من العبيد والسراري الكثيرة، والجواب، بل والردّ المفحم لهم، والحجر الذي يلقى في حلوقهم: أن الإسلام لم يبتدع الرق، ولم يعمل على تشجيعه، وإنما جاء؛ والبشرية غارقة بمآسي الرقيق، فلو دعا الإسلام من أول نشأته إلى تحرير الرق؛ لنفر منه الأثرياء، وذوو الجاه، والسلطان.

ولكنه عمل على تحرير الرقيق بشتى الوسائل، وفتح أبوابا كثيرة لتحريره، لم نجد ذلك في اليهودية، ولا في النصرانية، ولا في المجوسية، وغيرها من الدّيانات على ممر العصور، وقد جعل الإسلام تحرير الرقيق أول ما يجب في الكفارات لمن كان يملك رقيقا، أو قدر على شرائه، وذلك في كفارة اليمين، وكفارة الظهار، وكفارة القتل، وكفارة الجماع في رمضان، ونحو ذلك، كما حث على مكاتبة الرقيق؛ التي ذكرتها لك في سورة (النور). هذا بالإضافة إلى الترغيب في عتق الرقيق احتسابا لوجه الله. والأحاديث التي ذكرتها لك أكبر شاهد على ذلك، ولا يفوتني أن أذكر: أن الإسلام قد أمر سيد العبد أن يحسن معاملته، وأن يرفق به، وأن يتلطف بمخاطبته. وقد ذكرت نبذة عن ذلك في سورة (النور).

الإعراب: {فَلا:} الفاء: حرف استئناف. (لا): حرف نفي، وذكرت في الشرح أنها بمعنى هلاّ. {اِقْتَحَمَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {الْإِنْسانَ}. {الْعَقَبَةَ:} مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {وَما:} الواو: حرف استئناف، بل واعتراض. (ما): اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، {أَدْراكَ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى (ما)، تقديره: «هو»، والكاف مفعول به أول. {مَا الْعَقَبَةُ:}

مبتدأ، وخبر، والجملة الاسمية في محل نصب سدت مسد مفعول {أَدْراكَ} الثاني، المعلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام. وقال زاده: في محل نصب سدت مسد المفعول الثاني، والثالث ل‍: (أدرى)؛ لأنه بمعنى: أعلم، والجملة الفعلية: {أَدْراكَ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {فَكُّ:} خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هي فك، والجملة الاسمية تفسير ل‍: {الْعَقَبَةَ،} و {فَكُّ} مضاف، و {رَقَبَةٍ} مضاف إليه. من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، التقدير: فكك رقبة. هذا؛ ويقرأ «(فكّ رقبة)» على أنه فعل ماض، فتكون الجملة فعلية مفسرة لما قبلها، كما يقرأ (أطعم) على أنه فعل ماض أيضا، وعليه فالجملة الفعلية بدل من قوله: {فَلا اقْتَحَمَ}.

{أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦)}

الشرح: {ذِي مَسْغَبَةٍ} أي: مجاعة. والسغب: الجوع، والساغب: الجائع، وأنشد أبو عبيدة: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>