للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم: أنّ العمل اليوم، وأنّ الحساب غدا، لذلك كان الخوف من الله طريق الأنبياء، وحلية الأصفياء من الأتقياء، وخوف الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وخوف صحابته: أبي بكر، وعمر، وعلي، وعبد الله بن رواحة-رضوان الله عليهم-محفوظ، ومعروف في بطون الكتب.

الإعراب: {إِنَّما:} كافة ومكفوفة. {ذلِكُمُ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. الشّيطان: خبره. {يُخَوِّفُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {الشَّيْطانُ} والمفعول الأول محذوف، انظر الشرح. {أَوْلِياءَهُ:}

مفعول به ثان، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {الشَّيْطانُ} والعامل في الحال اسم إشارة، مثل قوله تعالى حكاية عن قول سارة: {وَهذا بَعْلِي شَيْخاً} هذا؛ ويجوز اعتبار {الشَّيْطانُ} بدلا من اسم الإشارة، فتكون الجملة الاسمية في محل رفع خبر الأول، كما أجيز اعتبار الجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها، والجملة الاسمية: {إِنَّما ذلِكُمُ..}.

إلخ مستأنفة لا محل لها.

{فَلا:} الفاء: هي الفصيحة. (لا): ناهية جازمة. {تَخافُوهُمْ:} فعل مضارع مجزوم ب‍ (لا) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها جملة جواب شرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ما ذكر واقعا، وحاصلا؛ فلا تخافوهم، وهذا الكلام مستأنف لا محل له. ({خافُونِ}): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة المدلول عليها بالكسرة في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ:} تقدم إعرابها كثيرا.

{وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٧٦)}

الشرح: {وَلا يَحْزُنْكَ..}. إلخ: نزلت الآية في قوم أسلموا، ثمّ ارتدوا عن الإسلام خوفا من المشركين، فاغتمّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم لذلك. وقيل: هو عامّ في جميع الكفّار.

ومسارعتهم في الكفر: المظاهرة على حرب الرّسول صلّى الله عليه وسلّم. قال القشيري-رحمه الله تعالى-:

الحزن على كفر الكافر طاعة، ولكنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يفرط في الحزن على كفر قومه، فنهي عن ذلك، كما قال تعالى له: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ} وقال جلّ ذكره، وتعالى شأنه:

{فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً}. هذا؛ والحزن: ضدّ السرور، ولا يكون إلا على ماض، وحزن الرّجل، وأحزنه غيره، أيضا، مثل: سلكه، وأسلكه. قال اليزيدي: «حزنه» لغة قريش، و «أحزنه» لغة تميم، وقرئ بهما، إلا في سورة (الأنبياء)، فإنّه في الأولى فقط. قوله تعالى: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}. وهي أفصح اللغتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>