الشرح:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ} أي: دعا إلى توحيد الله، وطاعته، بقوله، وفعله، وحاله، وعمل الصالحات، وجعل الإسلام دينه، ومذهبه. قال ابن كثير: وهذه الآية عامة في كل من دعا إلى خير، وهو في نفسه مهتد. وقال الزمخشري: والآية عامة في كل من جمع بين هذه الثلاث: أن يكون مؤمنا معتقدا لدين الإسلام، عاملا بالخير، داعيا إليه، وما هم إلا طبقة العلماء العاملين. انتهى. صفوة التفاسير. {وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} أي:
وهو في نفسه مهتد، فنفعه لنفسه، ولغيره، وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف، ولا يأتونه، بل يأتمر، ويترك الشر. وهذه عامة في كل من دعا إلى خير، وهو في نفسه مهتد. وقيل: هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل: هو المؤمن أجاب الله تعالى فيما دعاه إليه، ودعا الناس إلى ما أجاب إليه.
وقيل: إن كل من دعا إلى الله تعالى بطريق من الطرق؛ فهو داخل في هذه الآية. وللدعوة إلى الله تعالى مراتب: الأولى: دعوة الأنبياء-عليهم الصلاة والسّلام-إلى الله تعالى بالمعجزات، وبالحجج والبراهين، وبالسيف، وهذه المرتبة لم تتفق لغير الأنبياء. المرتبة الثانية:
دعوة العلماء إلى الله تعالى بالحجج، والبراهين فقط. والعلماء أقسام: علماء بالله، وعلماء بصفات الله، وعلماء بأحكام الله. المرتبة الثالثة: دعوة المجاهدين إلى الله تعالى بالسيف، فهم يجاهدون الكفار؛ حتى يدخلوا في دين الله، وطاعته. المرتبة الرابعة: دعوة المؤذنين إلى الصلاة، فهم أيضا دعاة إلى الله تعالى، وإلى طاعته، وانظر سورة (النحل) رقم [١٢٥].
هذا؛ والعمل الصالح على قسمين: قسم يكون من أعمال القلوب، وهو معرفة الله تعالى.
وقسم يكون بالجوارح، وهو سائر الطاعات. وقيل:{وَعَمِلَ صالِحاً} صلى ركعتين بين الأذان، والإقامة. فعن عبد الله بن مغفل-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بين كلّ أذانين صلاة، بين كلّ أذانين صلاة، بين كلّ أذانين صلاة، وقال في الثالثة لمن شاء». متفق عليه. انتهى. من الخازن. ولا تنس: أن الاستفهام بمعنى: أي: لا أحد أحسن! فهو بمعنى: النفي.
الإعراب:{وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَحْسَنُ:} خبر المبتدأ. {قَوْلاً:} تمييز. {مِمَّنْ:} جار ومجرور متعلقان ب: {أَحْسَنُ}. {دَعا:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف، والفاعل مستتر يعود إلى (من). {إِلَى اللهِ:} متعلقان به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {وَعَمِلَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (من). {صالِحاً:} صفة لمفعول به محذوف، التقدير: عمل عملا صالحا. وقيل: لمفعول مطلق محذوف. والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها