للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي، ولن، وقد تطلق على الجمل المفيدة، كما في هذه الآية؛ التي نحن بصدد شرحها، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد»: [الطويل]

ألا كلّ شيء-ما خلا الله-باطل... وكلّ نعيم-لا محالة-زائل

المراد ب‍: «كلمة» الشطر الأول بكامله، وتقول: قال فلان كلمة. والمراد: بها كلام كثير، وهو شائع، ومستعمل عربية في القديم، والحديث.

الإعراب: {وَلَقَدْ:} انظر إعراب هذه الكلمة في الآية رقم [١١٤]. {سَبَقَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث. {كَلِمَتُنا:} فاعل، و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {لِعِبادِنَا:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، و (نا) في محل جر بالإضافة. {الْمُرْسَلِينَ:} صفة لما قبله مجرور مثله، وجملة: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ..}. إلخ جواب القسم، لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مستأنف، لا محل له. {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ} انظر إعراب مثل هذه الآية برقم [١٦٥] فهو مثله بلا فارق، والجملة الاسمية بدل من: {كَلِمَتُنا،} أو هي مفسرة لها. وأجيز اعتبارها مستأنفة، والجملة الاسمية: {وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ} معطوفة عليها، والإعراب واحد لا يتغير.

هذا؛ والجند: الأنصار والأعوان، والجمع: أجناد، وجنود، والواحد: جندي، فالياء للوحدة، مثل: روم، ورومي. وجمع {الْغالِبُونَ} على المعنى، ولو كان على اللفظ؛ لكان: هو الغالب، مثل قوله تعالى: {جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ} الآية رقم [١١] من سورة (ص) وقال الشيباني: جاء هاهنا على الجمع من أجل: أنه رأس آية.

{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦)}

الشرح: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ:} أعرض عنهم، والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، أمره بالإعراض عن كفار قريش، والمعنى: اصبر على أذاهم لك، وانتظر إلى وقت مؤجل، فإنا سنجعل لك العاقبة والنصرة والظفر. {وَأَبْصِرْهُمْ} أي: انظرهم، وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال بمخالفتك وتكذيبك، ولذا قال تعالى على وجه التهديد والوعيد: {فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} أي: سيرون وينظرون ما يحل بهم من العذاب والمقت والنكال. قال قتادة: سوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار.

هذا؛ وسوف من الله للوجوب، وهي هنا للوعيد، وليس للتبعيد؛ إذ ليس المقام مقامه، كما تقول: سوف أنتقم منك وأنت متهيئ للانتقام.

{أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ:} استفهام إنكاري للتهديد، والوعيد، والمعنى: أيستعجلون بعذاب الله؟! فكانوا كلما نزلت آيات تخوفهم العقاب الشديد، والعذاب الأليم، قالوا: «متى هذا الوعد، إن كنتم صادقين؟» بل قد حكى الله قولهم في سورة (الأنفال) رقم [٣٣]: {وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ}. هذا؛ ويكثر النهي

<<  <  ج: ص:  >  >>