قبلهما من مجموع الفعلين، أي:{يَتَوَفّاكُمْ} ثم {يَبْعَثُكُمْ} لأجل ذلك. انتهى جمل نقلا عن السمين. {إِلَيْهِ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مَرْجِعُكُمْ:} مبتدأ مؤخر، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. {يُنَبِّئُكُمْ:} مضارع، والفاعل يعود إلى الله، والكاف مفعول به أول. {بِما:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني، وانظر الإعراب في الآية رقم [٣٠] فإنه مثل: {بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} بلا فارق، والجملة الفعلية:{يُنَبِّئُكُمْ..}. إلخ معطوفة على الجملة الاسمية قبلها، لا محل لها أيضا، و {ثُمَّ} في الآية للتراخي والمهلة. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ:} انظر الآية رقم [١٨] ففيها الكفاية. {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} أي: ملائكة تحفظ أعمالكم وتسجلها، وهم الملائكة الكاتبون الكرام. {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ} يكتبون ما يقوله وما يفعله العبد من خير وشر، وطاعة ومعصية. قيل: إن مع كل إنسان ملكين، ملك عن يمينه، وملك عن شماله، والأول آمر على الثاني، فإذا عمل العبد حسنة أسرع صاحب اليمين إلى كتابتها، وإذا عمل سيئة، قال لصاحب الشمال: اصبر لعله يتوب، فإن لم يتب منها كتبها صاحب الشمال سيئة واحدة. وفائدة جعل الملائكة موكلين بالإنسان: أنه إذا علم أن له حافظا من الملائكة موكلا به يحفظ عليه أقواله وأعماله في صحائف تنشر له وتقرأ عليه يوم القيامة على رءوس الأشهاد؛ كان ذلك أزجر له عن فعل القبيح وترك المعاصي:{ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}. وقيل: المراد بالحفظة هم الملائكة الذين يحفظون ابن آدم من شر المخلوقات يدل عليه قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} وكلا القولين صحيح وواقع. {حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} أي: انتهى أجله المحدود له في الدنيا. {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا:} قبض روحه عزرائيل الموكل بقبض الأرواح وأعوانه من الملائكة الذين جعلهم الله تحت إمرته. {وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ:} لا يقصرون فيما وكل إليهم من تقديم أو تأخير. بعد هذا انظر:{جاءَ} في الآية رقم [٥]. {أَحَدَكُمُ:} انظر الآية رقم [٢/ ٩٦]. {الْمَوْتُ:} انظر الآية رقم [٥/ ١٠٩]. {تَوَفَّتْهُ:} إعلاله مثل إعلال: {قَسَتْ} في الآية رقم [٤٣]. {رُسُلُنا:} انظر (سبل) في الآية رقم [٥/ ١٦] وانظر (نا) في الآية رقم [٧] من سورة (الأعراف).
تنبيه: قال الله تعالى في آية: {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها} وقال في آية أخرى: {قُلْ يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} وقال هنا: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا} والجمع بين هذه الآيات: أن المتوفي في الحقيقة هو الله تعالى، فإذا حضر أجل العبد، أمر الله ملك الموت بقبض روحه،