للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي السمين: وفي رفع {فَيَعْتَذِرُونَ} وجهان: أحدهما: أنه مستأنف؛ أي: فهم يعتذرون.

قال أبو البقاء: ويكون المعنى: أنهم لا ينطقون نطقا ينفعهم، أو ينطقون في بعض المواقف، ولا ينطقون في بعضها. والثاني: أنه معطوف على {يُؤْذَنُ} فيكون منفيا، ولو نصب لكان مسببا عنه. وقال ابن عطية: ولم ينصب في جواب النفي لتشابه رؤوس الآي، والوجهان جائزان.

انتهى جمل. والله أعلم بمراده، وأسراره كتابه.

الإعراب: {هذا:} الهاء: حرف تنبيه لا محل له. (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَوْمُ:} خبر المبتدأ. ويقرأ بالنصب على أنه ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، والكوفيون يعتبرونه مبنيا على الفتح في محل رفع خبر المبتدأ، ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (المائدة) رقم [١١٩]: {قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ..}. إلخ. {لا:} نافية. {يَنْطِقُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (يوم) إليها، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): نافية. {يُؤْذَنُ:} فعل مضارع مبني للمجهول. {لَهُمْ:} جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. {فَيَعْتَذِرُونَ:} الفاء: حرف عطف. (يعتذرون): مضارع، وفاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، وانظر الشرح. {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ:} انظر رقم [١٥].

{هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠)}

الشرح: {هذا يَوْمُ الْفَصْلِ} أي: يقال لهم يوم القيامة: هذا هو يوم الفصل بين العباد، يفصل فيه بين المحق، والمبطل، وبين المحسن، والمسيء، فيثيب المحق المحسن، ويعاقب فيه المبطل المسيء. {جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يجمع الذين كذبوا محمدا صلّى الله عليه وسلّم، ويجمع الذين كذبوا النبيين قبله. والجملة الفعلية هذه فيها معنى التوكيد للجملة الاسمية قبلها؛ لأنه إذا كان يوم الفصل بين السعداء، والأشقياء، وبين الأمم ورسلهم؛ فلا بد من جمع الأولين، والآخرين، حتى يقع الفصل بينهم. هذا؛ والتعبير بالماضي عن المستقبل إنما هو لتحقق الوقوع، وهذا أسلوب بلاغي مستعمل في القرآن الكريم كثيرا.

{فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ:} توبيخ، وتقريع للكافرين يوم القيامة على كيدهم لدين الله، وأتباعه، وتسجيل عليهم بالعجز، والذلة، والإهانة. وقيل: المعنى: إن قدرتم على حربي؛ فحاربوني! وقيل: المعنى: إن قدرتم على أن تتخلصوا من قبضتي، وتنجوا من حكمي؛ فافعلوا، فإنكم لا تقدرون على ذلك! كما قال تعالى في سورة (الرحمن): {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطانٍ}

<<  <  ج: ص:  >  >>